التحقيق في تدخل روسيا في الانتخابات الأمريكية وإمكانية تواطؤ ترامب يشبه المسلسلات الأمريكية التي كانت رائجة في الثمانينات بحيث تقع أحداث غير متوقعة كل يوم وتظهر شخصيات بين حين وآخر، ولكن هنا المسلسل شخصياته ليسوا ممثلين بل سياسيين ديمقراطيين وجمهوريين وموظفين. وفي وسط هذه المعمعة لا أحد يريد في الإدارة أن يأخذ قرارات حازمة، أما حلفاء أمريكا فكيف لهم أن يتعاملوا بجدية مع الإدارة ومصير رئيسها على المحك. ولذلك فالموقف من الأسد يراوح مكانه، وليس هناك من مؤشرات أن أية قرارات ستؤخذ في الفترة القادمة. والمستفيد الأكبر من هذه الحالة هو إيران التي تدعم نفوذها في كل من العراق ولبنان وتعمل على عقد تحالفات وتجهز ماكيناتها الانتخابية في كل من البلدين تحضيراً للانتخابات المقبلة في شهر مايو في كل من البلدين. كل التوقعات تظهر أن الحكومة المقبلة في العراق هي حكومة حشد والحكومة المقبلة في لبنان هي حكومة حزب الله. وأما العبادي فحتى يفوز بالانتخابات فعليه أن يدخل في تحالفات مع المجموعات والميليشيات المدعومة من إيران ولذلك وإن انتخب سيكون في موقع الضعيف. وأما في لبنان فعدم اتخاذ أية قرارات بشأن الأسد سيمكن «حزب الله» من دعم تحالفاته ولن يكون هناك أي محفز لهؤلاء الحلفاء لتغيير مواقفهم أو إظهار أية وسطية. وفي الأكثر ستكون الأغلبية البرلمانية في كل من البلدين في الفلك الإيراني مما يعني شرعنة النفوذ الإيراني في لبنان والعراق وشرعنة تدخل الميليشيات من كلا البلدين التي تقاتل في سوريا، مما سيزيد من الطين بلة وسيعقد التوصل إلى أي حل سياسي. والسؤال، ماذا يجب على الخليج أن يفعل؟ على الخليج أو بالأحرى المملكة أن تتحرك وبسرعة وبطريقة استراتيجية وممنهجة. وقد قامت المملكة باستقطاب الصدر وهذه خطوة محمودة وجيدة ولكن على تلك الخطوة أن تكون جزءاً من خطة شاملة لكسر تحالفات إيران في كل من العراق ولبنان. وإن لم تقم أمريكا بخطوة جريئة بخصوص سوريا وإن لم تتحرك المملكة بسرعة، فنحن مقبلون على انتخابات ستشرعن النفوذ الإيراني في المنطقة وسينتج عن ذلك تغيير في القوانين التي ستعمق من تدخلات إيران على المستوى السياسي، والعسكري، والاقتصادي، والاجتماعي في المنطقة وسنقول على العرب السلام!