كم ضحية ذهبت مقابل إتمام صفقة «الاتفاق النووي» مع إيران؟ و كم هو العدد المطلوب أن يموت حتى تقتنع أوروبا ويقتنع الضيف القادم لنا من بريطانيا أن عدد من تقتله إيران منا ومنكم ومن الأمريكيين خارج إطار النووي أكثر بكثير ممن ممكن أن يموت من مفاعلها.

حيث يصل أليستر بيرت، الوزير بوزارة الخارجية البريطانية، إلى طهران، لبحث التدخلات الإيرانية المزعزعة للاستقرار في سوريا واليمن، ومستقبل الاتفاق النووي الإيراني، في أول زيارة من نوعها منذ انسحاب الرئيس الأمريكي، دونالد ترمب، من الاتفاق المبرم عام 2015.

تأتي الزيارة في وقت يسعى فيه الاتحاد الأوروبي إلى الحفاظ على الاتفاق النووي.

وقال بيرت في بيان قبل الزيارة «ما دامت إيران تلتزم بتعهداتها بموجب الاتفاق سنظل ملتزمين به، إذ نعتقد أنه أفضل سبيل لضمان مستقبل يسوده السلم والأمن في المنطقة».

والسؤال المطروح هنا هل الاتفاق وسيلة أم غاية؟ أليست الغاية أن يسود السلام والأمن في المنطقة؟ هل توقفت إيران يوماً عن زعزعة أمن المنطقة قبل أو أثناء أو بعد الاتفاق؟

ما هي التنازلات التي على المجتمع الدولي أن يقدمها لإيران كي تلتزم ببنود الاتفاق؟ فإن تنازلنا عن الهدف الأساس وهو السلم والأمن، فما حاجتنا إلى الاتفاق إذاً؟

ثم إلى متى يتم التغاضي المتعمد عن الجرائم الإيرانية من أجل إتمام الاتفاق أو الالتزام به؟

منذ عام 2007 تملك الولايات المتحدة الأمريكية أدلة دامغة على تورط المليشيات العراقية المدعومة من إيران بجرائم حرب وثقتها أجهزتهم الاستخبارية قبل أن توثقها المنظمات الدولية لحقوق الإنسان، ومع ذلك سكتت عنها وأخفتها في الأدراج متعمدة من أجل عيون الاتفاق.

فواحد مثل قيس الخزعلي قائد عصابات «عصائب الحق» المليشيا الأكثر ولاء لإيران في الحشد الشعبي، يقتل قوات أمريكية في العراق، والأهم أنه نفذها بأوامر إيرانية و باعترافه ويترك ليعيث في الأرض فساداً من أجل الاتفاق.

وبحسب الاعترافات التي نشرتها صحيفة «واشنطن بوست» كذلك، فقد أقر الخزعلي في الاعترافات بتنسيقه الدائم مع إيران، وزياراته المتكررة إليها، التي التقى خلالها ضباطاً في المخابرات.

وذكر الخزعلي أنه تدرّج، بدءاً من طالب في حوزة المرجع الشيعي محمد الصدر، إلى مقرّب في مكتب مقتدى الصدر.

وبحسب الاعترافات، فإن مقتدى الصدر توصل إلى اتفاق مع المخابرات الإيرانية عام 2003 لتمويل قيس الخزعلي، وذلك بعد زيارة القياديين الشيعيين إلى طهران في ذكرى وفاة الخميني.

وخلال إحدى زياراته إلى طهران، قال الخزعلي، بحسب تسريبات التحقيق معه، إنه بنى علاقات شخصية مع قيادييْن في المخابرات الإيرانية، يدعى الأول «الحاج يوسف»، والثاني «الشيخ أنصاري».

واستدرك الخزعلي قائلاً إن «الحاج يوسف» و«الشيخ أنصاري» ليسا اسمين حقيقيين للقيادييْن في المخابرات الإيرانية.

ولفتت «واشنطن بوست» إلى أن «القيادة المركزية الأمريكية قامت مؤخراً بنزع السرية عن عشرات التقارير المتعلقة باستجواب الخزعلي، كجزء من مشروع لتوثيق تاريخ حرب العراق».

وتابعت بأن معهد «أميركان إنتربرايز» نشر جزءاً من وثائق التحقيقات، وذلك بعد صعود نجم الخزعلي الذي كان يحارب القوات الأمريكية جنباً إلى جنب مع «حزب الله»، بحسب الصحيفة الأمريكية.

ونوهت الصحيفة بأن «الخزعلي، المتهم باختطاف وقتل خمسة جنود أمريكيين، ربما يصبح وزيراً في الحكومة العراقية».

وبحسب الصحيفة، فإن اعتقال قيس الخزعلي لم يدم أكثر من عامين، إذ أفرج عنه بصفقة تبادل أسرى مع مليشيات شيعية!!

أما ما نشرته جريدة «وول ستريت جورنال» يوم الخميس أنه تقرر الإبقاء سراً على تلك التحقيقات الإدارة الأمريكية التي ترأسها باراك أوباما عام 2009 أن تبقي أوراق التحقيق طي الكتمان وتجاهلها، فلم يكن مهماً موت بعض من الجنود الأمريكيين للإدارة الأمريكية حين ذاك مقابل المصلحة الأهم وهي أن تتم صفقة الاتفاق النووي!!

فإن كان موت جنود أمريكيين ليس مهماً لإدارتهم فهل سيهتم لموت الآلاف من أهل العراق الذين اختطفتهم وعذبتهم وقتلتهم عصابات الخزعلي؟ وكم خزعلي تم التغاضي عنه من أجل الاتفاق في البحرين وفي لبنان وفي سوريا وفي اليمن وفيهم كلهم قتلت المليشيات المدعومة إيرانياً آلاف البشر خارج إطار الاتفاق.

لحظة قبل أن يداهمنا الوقت ذكروني ما الهدف من الاتفاق؟ فإن كان الغرض من الاتفاق النووي هو منع موت الأبرياء، فما يجديني نفعاً توقيع الاتفاقيات واستمرار قتل الأبرياء؟ من يدافع عن الاتفاق على اعتبار أنه أفضل من عدم توقيعه فإنه يغالط نفسه، أوتحولت الوسيلة عنده إلى هدف بحد ذاتها!