يعد الابتكار محركاً رئيساً للتقدم والتطوير بالإضافة إلى كونه مصدراً للاختراعات في جميع مجالات المجتمع والتكنولوجيا والإدارة. الابتكار هو النشاط التجاري الوحيد الذي كان وثيق الصلة بالنمو الاقتصادي. من منظور الأعمال التجارية، يُعتبر الابتكار أداة استراتيجية تعمل على بناء قدرات الأعمال وتعزيزها، ويمكن تعريفها بأنها تنفيذ شيء جديد أو أصلي أو مهم أو ذي قيمة أو تغيير مهم يحدث من خلال مجموعة كبيرة التحسينات «لمنتج أو عملية أو خدمة»، مقارنة بالإنجازات السابقة. يهتم الابتكار بالجدة من حيث المنتج أو الخدمة أو العملية أو البرنامج أو الجهاز، والأفكار والمقاربات والأساليب والعمليات والهياكل والسلوكيات والمواقف والثقافات وكذلك التكنولوجيا والقدرات في إدارة المجتمعات، وفي إدارة أنواع مختلفة من المنظمات.

تُظهر بعض الدراسات أن الابتكار أكثر شيوعاً بين المؤسسات الكبيرة وليس الصغيرة، لكن بعضها الآخر يظهر بشكل مختلف. ومع ذلك، لا مفر من الاستنتاج أن الشركات الأصغر حجماً لديها موارد محدودة للغاية، مثل رأس المال المالي أو البشري، مقارنة بالشركات الكبيرة. تؤدي صعوبة تجميع الموارد المالية الكافية إلى نقص الأموال اللازمة للابتكار، ورفض تحمل المخاطر «غالباً ما تكون مرتفعة جداً»، للمشاريع المبتكرة، والتخلي عن شراء التكنولوجيا «غالباً ما تكون مكلفة للغاية». يلعب رأس المال البشري دوراً مهماً في عملية إنتاج الابتكار ويوفر للمديرين الكبار المهارات اللازمة للاستفادة من الفرص الجديدة. علاوة على ذلك، قد تكون تأثيرات رأس المال البشري على الأداء مختلفة، أو على الأقل أقوى، بين الشركات الصغيرة والمتوسطة منها بين الشركات الكبرى. القيود المذكورة أعلاه تقيد أيضاً وصول الشركات إلى حاجات السوق، على سبيل المثال، يمكن أن تمنعهم من إجراء البحوث العلمية المهنية أو شراء البيانات الصناعية، أو يمكن أن تقلل من فرصهم لتطوير منتجات جديدة.

لا شك في أن الابتكار هو العامل الرئيس الذي يؤثر على فعالية المؤسسة التي تعمل في ظل ظروف المنافسة الشديدة بشكل متزايد في قطاع الشركات الصغيرة والمتوسطة في الاقتصاد شديد التصنيع. أصبح الابتكار ضرورة إذا أرادت المؤسسة البقاء على قيد الحياة والحفاظ على ميزة تنافسية. مفتاح الحصول على هذه الميزة هو التوجه الاستراتيجي نحو الابتكار، وهو طريقة معينة لجمع النصائح والتوجيهات التي تؤدي إلى الابتكار. الابتكار هو واحد من أهم الاستراتيجيات التنافسية للشركات الصغيرة والكبيرة. ومن هنا، يعد تحفيز الابتكار في قطاع الشركات الصغيرة والمتوسطة مهماً للغاية من منظور الاقتصاد الكلي.

تعمل الشركات الصغيرة كمحرك اقتصادي للعديد من الدول لأنها تحفز الابتكار وتوفر الوظائف وتعزز القدرة التنافسية وتدعم النمو الاقتصادي الشامل. يمكن للشركات الصغيرة أن تتكيف بسرعة مع التغيير وتبني استراتيجيات جديدة وتوفر المرونة التي تدعم الابتكار الاستراتيجي. نتيجة لذلك، يعد الابتكار الاستراتيجي محركاً رئيساً للميزة التنافسية المستدامة للشركات الصغيرة.

يحتاج قادة الأعمال الصغيرة إلى دمج الابتكار الاستراتيجي مع تخطيطهم الاستراتيجي ليظلوا قادرين على المنافسة على المستوى العالمي.

لكن بسبب محدودية الموارد، لا تستطيع الشركات الصغيرة والمتوسطة أن تفعل كل شيء بمفردها وبالتالي تحتاج إلى التعاون. لسوء الحظ، عادة ما تكون الشركات الصغيرة والمتوسطة أقل استعداداً للسعي إلى استخدام المعرفة المقننة «خاصة المعرفة العلمية»، مما يجبرهم على الاعتماد على الوسائل الشخصية لنشر المعرفة والقدرة على التعلم من خلال العمل والتأثير - التعاون. علاوة على ذلك، يصعب عليهم استخدام الاتفاقات الرسمية لهذا الغرض، وبالتالي، يجب أن تبنى على الثقة والعلاقات غير الرسمية.

لهذا، يجدها العديد من الباحثين قضية مثيرة للاهتمام تتعلق بالنُهج المتباينة للابتكار من جانب الشركات الصغيرة والمتوسطة والشركات الكبيرة ودرجة فعاليتها. يزعم بعض الباحثين أن الابتكار قد يكون أكثر أهمية لقطاع الشركات الصغيرة والمتوسطة من الشركات الكبيرة. حيث تواجه الشركات الصغيرة والمتوسطة تحدياً أكبر في اتخاذ إجراءات مرتبطة بالسعي إلى الابتكار وتبنيه أكثر من الشركات الكبرى. ومع ذلك، توصل معظم الباحثين في مجال الابتكار في قطاع الشركات الصغيرة والمتوسطة إلى استنتاج مفاده أنه لا يوجد فرق كبير بين الشركات الصغيرة والكبيرة فيما يتعلق بالابتكار «لا يوجد تعارض بين جودة وأهمية الابتكارات التي ينشئونها».

وبالتالي، يبدو أن الابتكار ذو أهمية خاصة بالنسبة للشركات الصغيرة صاحبة المشاريع المحدودة الموارد. تتمثل إحدى ميزات قطاع الشركات الصغيرة والمتوسطة في الشركات الكبيرة في الدور الذي يلعبه المالك - المدير في تشجيع الابتكار. سيكون تأثير المدير - المالك في هذا الصدد أقوى في الشركات الصغيرة نظراً لوجود بيروقراطية أقل في هذه المؤسسات، وهيكلها التنظيمي ثابت، وهي أقل تنوعاً، ولديها ثقافة تنظيمية مرنة، ولديها أنظمة وإجراءات رسمية أقل ونشاط تخطيط أقل، ويتم إدارتها بواسطة مجموعة صغيرة من المديرين المهيمنين. ومع ذلك، فإن الدور المهيمن للمدير أو رجل الأعمال أو صاحب الشركة قد يؤدي أيضاً إلى آثار سلبية بسبب ضعف مهارات الإدارة من حيث التخطيط، أو قد يركزون على منظور استراتيجي أقصر بدلاً من منظور طويل الأجل للحصول على استدامة النمو، ويمكن أن تنتج هذه المشكلات عن تراجع التعليم الرسمي أو المؤهلات المناسبة.

* قسم الابتكار وإدارة التقنية – جامعة الخليج العربي