إن صحت التوقعات فبإذن الله نستطيع أن نعود إلى حياتنا الطبيعية بعد جرعة التلقيح، وفي كل الأحوال لا بد من عودة الحياة إلى طبيعتها عاجلاً أم آجلاً. السؤال هو هل سنعود إلى ما كنا عليه قبل فبراير، أي قبل «الكورونا» بأسلوب عملنا ودراستنا؟ أم ستحدث التجربة أثراً وتغير ذلك النمط؟

المطلوب الآن من «فريق البحرين» أن يضع استراتيجية العمل في القطاع الحكومي بعد تجربة العمل عن بعد وتجربة الدراسة عن بعد.

قبل التجربة كانت هناك افتراضات وتوقعات أنه يمكن إنجاز العديد من الأعمال عن طريق (الأونلاين) ولم تخضع التجربة للتقييم بشكل كافٍ حينها، وإنما بعد مرور أربعة أشهر جلس فيها الموظفون في المنازل، ولم يتأثر الأداء الحكومي. أعتقد أن لدى الحكومة الآن نتائج عملية يمكن الاستناد إليها بأن العديد العديد من الوظائف الحكومية وعلى جميع المستويات فعلاً يمكن إنجازها من المنزل مادمنا نملك البنية التحتية الإلكترونية التي استثمرنا فيها مبكراً وكان استثماراً في محله ولله الحمد، ومادامت تلك التقنية متوافرة للجميع، ولا حاجة لتكرار منافع هذه التجربة خارج إطار الإنجاز الحكومي أيضاً فقد تطرقنا لها حتى قبل أن يصدر القرار وكان ذلك تحديداً في 17 مارس وهذا بعض مما جاء في المقال: «أنت في هذه الحالة على مستوى الدولة أفدت بالتالي:

قللت زحمة الشوارع

قللت استهلاك بنزين السيارات

قللت الحاجة لمواقف سيارات كبيرة

قللت استهلاك الكهرباء في الوزارات

قللت احتكاك الموظفين وكثرة المشاكل بينهم

قللت مساحات العمل

قللت استهلاك الكفتريات

هذا عدا أن هناك تضخماً في الجهاز الحكومي أصلاً، وهناك موظفين كثراً وجودهم في المؤسسات من عدمه واحد، فجلوسهم في البيت دون أن يؤثر ذلك على كفاءة الإنتاج سيقلل من زحمة المكاتب دون داع».

بل أثبتت التجربة أن الكثير من المعاملات يمكن إنجازها (أون لاين) فلا زحمة مراجعين ولا تعطيل ولا تذمر ولا شكاوى ولا تقديم أو تأخير بالواسطة.

من غير المقبول إذاً ولا المعقول العودة على ما كنا عليه قبل «كوفيد 19» وكأن شيئاً لم يكن، وكأننا لم نتعلم أو لم نستفد، أو لربما البعض سيعز عليه أن يمنح رواتب لموظفين جالسين في البيت!! وكأن الراتب يمنح للحضور لا للإنجاز!

مفهوم العمل واستحقاقاته يحتاج إلى إعادة نظر من جديد، فنظام البصمة والجلوس على المكاتب أثبت فشله وتخلفه والإصرار عليه بعد هذه التجربة والعودة له -اسمحوا لي- يعد تخلفاً هو الآخر. نحن أمام واقع جديد أثبتته التجربة العملية والميدانية، والحكومة تبحث عن تقليص النفقات، لا في بند الرواتب فقط، إنما التقليص بشموليته.

الأمر كذلك بالنسبة إلى التعليم، هل ستؤثر تلك التجربة على مفهوم اليوم الدراسي؟ على آلية التعليم؟ على المناهج؟ على زيادة الأنشطة؟

التجربة كانت فرصة إجبارية تعلمنا منها الكثير، والخطوة التالية هي كيف يمكننا الاستفادة مما تعلمناه خلال هذه الأشهر الماضية بما يخدم أهدافنا، إذ كيف سنلغي كل ما تعلمناه واستفدنا منه ونلقي به عرض الحائط ونعود وكأن شيئاً لم يكن؟