نحن الآن كمواطنين ومقيمين أمامنا واجب وطني وتحدٍ خطير لمواجهة فيروس كورونا، والذي تصاعدت وتيرته بشكل سريع في الآونة الأخيرة منذراً بخسائر غير متوقعة على صعيد المجتمع المحلي.

فكما هو متعارف عليه فإن الحق والواجب أساس المجتمع الديمقراطي، فكل فرد في المجتمع له حقوق وعليه واجبات، فالتلازم بين الحق والواجب أمر حتمي، يترتب عليه ارتباط الحقوق بالواجبات ارتباطاً وثيقاً، فهما وجهان لعمله واحدة، بمعنى أن لكل حق هناك واجباً بالمقابل، فالدولة هي من تكفل الحقوق وتحميها من جهة وعلى الفرد الالتزام بواجباته اتجاه المجتمع من جهة أخرى.

ونرى بأن مملكة البحرين ومنذ بداية تفشي هذا الوباء سارت وفق استراتيجيات وخطط محكمة، وتحملت العبء الأكبر من أجل السهر على راحة الجميع، حيث عملت على كافة الأصعدة لمواجهة هذا الفيروس، فعلى الصعيد الصحي كفلت الدولة الرعاية الصحية للمواطنين والمقيمين على حد سواء، وقامت بتوفير مراكز الفحص المركزية والعشوائية بشكل يومي من دون مقابل وصولاً للتجارب السريرية للقاح كورونا والذي شارك فيه نخبة من أفراد المجتمع البحريني الأصيل، كما كفلت الدولة حق العمل من المنزل على موظفي الجهات الحكومية بنسبة 50٪، وعلى الصعيد الاقتصادي تم توجيه المصارف لتأجيل مدفوعات القروض للمواطنين على نحو لا يؤثر على السيولة المصارف وملاءتها المالية.

فحان الآن دورنا كأفراد في المجتمع للقيام بواجبنا والمنبثق من شعورنا الوطني تجاه وطننا للتصدي لهذا الفيروس، ولتتجلى علاقة تلازم الحق بالواجب وعليه تنهض مسؤولية الفرد في القانون الوضعي الوطني بضرورة القيام بالواجبات التي يشرعها المشرع، وأي تجاوز نتيجته الجزاء المدني المناسب له. فعلى سبيل المثال ومن واقع حياتنا لبس الكمامات والتباعد الاجتماعي يعتبران من الإجراءات الاحترازية ومن واجبانا كأفراد الالتزام بهما.

ونخلص إلى أن كل فرد في المجتمع عليه واجبات إزاء الجماعة التي يعيش فيها وعليه احترام قوانينها، مثل ما له من حقوق مكفولة من قبل الدولة، فقد نص الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في المادة 29 على الآتي:

1- على كل فرد واجبات إزاء الجماعة، التي فيها وحدها يمكن أن تنمو شخصيته النمو الحر الكامل. 2- يخضع الفرد في ممارسة حقوقه وحرياته لتلك للقيود التي يقررها القانون فقط لضمان الاعتراف بحقوق الغير وحرياته واحترامها لتحقيق المقتضيات العادلة للنظام العام والمصلحة العامة والأخلاق في مجتمع ديمقراطي.

3- لا يصح بحال من الأحوال أن تمارس هذه الحقوق ممارسة تتناقض مع أغراض الأمم المتحدة ومبادئها.

وكذلك نص دستور البحرين وبشكل صريح ومباشر في المادة 18 على أن «الناس سواسية في الكرامة الإنسانية، ويتساوى المواطنون لدى القانون في الحقوق والواجبات العامة، لا تمييز بينهم في ذلك بسبب الجنس أو الأصل أو اللغة أو الدين أو العقيدة».

وتأسيساً على مصطلح الواجبات في المادة السابقة فتتلخص في الالتزامات التي تصدر إلى الفرد والتي لها دور كبير في المحافظة على تكامل المجتمع، إذ إن الحقوق تقابلها الواجبات، فالحقوق مكفولة في الدستور وبصورة لا تمس حقوق الآخرين وأمنهم الجماعي والمصلحة العامة، والواجب المترتب عليه هو التزام بحماية وتطور المجتمع. ومن واجبنا الآن مضاعفة الجهود وتكثيفها من خلال الوعي والالتزام بكافة الإجراءات وعدم التهاون بصحة وسلامة الجميع، ووضع مصلحة الوطن فوق كل اعتبار. ودمتم سالمين.

* أستاذ بحث وتدريس - كلية الحقوق - جامعة البحرين