بون شاسع بين النقد البناء، وبين النقد الهدام، والأخير قائم على نشر الشائعات وبث المزاعم والأكاذيب، و«تهويل الأمور» وقد تجلى ذلك الموقف جيداً خلال اليومين الماضيين، مع سقوط أمطار غزيرة على مملكة البحرين، لم تشهدها منذ سنوات، حيث أدى ذلك إلى تضرر شوارع ومنازل مواطنين ومقيمين، وتعطل حركة السير والمرور، لكن ما يلفت الانتباه ويجب أن نلقي الضوء عليه هو تحرك وزارة الأشغال وشؤون البلديات والتخطيط العمراني لتدارك آثار الكميات الكبيرة من الأمطار، حيث شددت الوزارة على أن الأمور تحت السيطرة، في حين لم تستغرق الآثار السلبية للهطول الشديد للأمطار سوى سويعات.

وبحسب تصريحات الوزارة فإنه قد «باشر فريق طوارئ الأمطار بالوزارة في تنفيذ خطة عمله من إرسال 70 صهريجاً بالإضافة إلى مضخات شفط مياه الأمطار بالمحافظات الأربع للمواقع التي تجمّعت فيها مياه الأمطار والتي بلغت ما يقارب 25 منطقة، واستمر فريق العمل في معالجة المواقع الأخرى تباعاً، وذلك بالاستفادة من قاعدة البيانات والمعلومات المحدثة لدى الوزارة».

وربما لأول مرة منذ فترة طويلة تشهد مملكة البحرين سقوط نحو 31.5 مليون طن من الماء خلال يومين، وفقاً لما ذكره أستاذ الفيزياء بجامعة الخليج العربي، الدكتور وهيب الناصر، حيث بلغ مستوى أمطار السبت 33 ملم، في حين بلغ مستوى أمطار الجمعة 9 ملم، لكن الأهم الذي ذكره د. الناصر هو أن تلك النسب جاءت مخالفة تماماً لما توقعه بعض المغردين على مواقع التواصل الاجتماعي بأن الأمطار ستكون مزلزلة وتصل إلى 100ملم!!

الجدير بالذكر أن مستوى تضرر البحرين من الأمطار الغزيرة، لا يكاد يذكر مقارنة مع دول أخرى مجاورة، خاصة، وأن البحرين تتمتع ببنية تحتية قوية، ظهرت جلية في سيطرة وزارة الأشغال على الأوضاع خلال ساعات، بعكس ما حاول آخرون ترويجه على وسائل التواصل الاجتماعي.

لذلك فإنه من المهم أن نضع الأمور في نصابها وأن نقيّم المواقف والأحداث تقييماً موضوعياً وأن يكون النقد الموجه لأي وزارة أو جهة أو مؤسسة نقداً بناءً قائماً على أسس واقعية، وليس مجرد التبرم والشكوى والمسارعة إلى التقليل من جهود الآخرين، وهنا أذكر واقعاً يحدث في الدول الكبرى، في ما يتعلق بتقييم الأحداث والأزمات، حيث يكون التقييم في طريقة التعامل مع الأزمة والسيطرة عليها بعد وقوع الأزمة، وتحديداً خلال الساعات الأولى منها، وليس وقت حدوث الأزمة، وهل يتعرض المسؤولون لحالة ارتباك أم يستطيعون السيطرة على الموقف؟! وهذا ما فعلته وزارة الأشغال في أزمة الأمطار خلال اليومين الماضيين.