إرم نيوز


قالت صحيفة ”فاينانشال تايمز“ البريطانية، إن الحكومة الألمانية تعهدت بإنفاق 100 مليار يورو لتحديث الجيش وقدراته العسكرية، في ظل الغزو الروسي لأوكرانيا، ولكن هل سيكون هذا كافيا لتحقيق الهدف، خاصة في ظل المخاوف من تراجع الاهتمام مجددًا، ومعارضة البعض للمسار العسكري للحكومة الحالية.

وأضافت الصحيفة، في تقرير نشرته اليوم الإثنين: ”بعد 3 أيام على الغزو الروسي لأوكرانيا، قالت الحكومة الألمانية إنها ستنفق 100 مليار يورو لتحديث الجيش، إلا أن القائد في كتيبة المشاة المدرعة الألمانية الـ37، رينزو دي ريو، يقول إن السؤال المهم في هذا الصدد يتمثل في الوقت الذي تحتاجه برلين للوفاء بهذا الوعد“.

استجابة متأخرة للتهديد الروسي


ونقلت الصحيفة عن رينزو دي ريو، قوله: ”كنا على علم بالتهديد الذي تمثله روسيا، على الأقل منذ قيامها بضم شبه جزيرة القرم في 2014، كان من الممكن أن يكون رد الفعل السياسي على ذلك أسرع مما حدث“.

وأضافت: ”دي ليو، جزء من قوة متعددة الجنسيات أجرت تدريبات في شمال ألمانيا، في وقت سابق من هذا الشهر، حيث شارك فيها 7500 جندي من 9 دول، وكانت بمثابة استعراض للتحالف العسكري الناشئ الذي اكتسب أهمية جديدة، منذ عودة الحرب إلى أوروبا في مطلع شباط/فبراير من العام الجاري، كانت أيضًا فرصة بالنسبة للجيش الألماني كي يستعرض أفضل أسلحته، كمدفع هاوتزر 2000، أحد أقوى أنظمة المدفعية في العالم، والذي يستطيع ضرب 12 دفعة في الدقيقة، ويصل إلى أهداف على مسافة 40 كيلو مترا“.

وأشارت إلى أنه قبل أيام على بدء التدريبات العسكرية، فإن وزيرة الدفاع الألمانية كريستين لامبريشت، رسمت صورة مختلفة للوضع بالنسبة للجيش أمام البرلمان، حيث قالت، إن ”الجيش يعاني من نقص الذخيرة، ولديه نقص كبير في العتاد.. على مدار سنوات، كل ما فعلناه هو التوفير، ويجب أن نضع نهاية لذلك“.

ورأت الصحيفة أن الـ100 مليار يورو التي وعد بها المستشار الألماني أولاف شولتز، تمثل أكبر زيادة في الإنفاق العسكري الألماني منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، إضافة إلى التزام بإنفاق أكثر من 2% من إجمالي الناتج المحلي على الجيش، ويهدف ذلك إلى وجود جيش ألماني قوي وحاسم ومتطور، يمكن الاعتماد عليه لحماية الدولة.

وتابعت: ”هذه خطوة جريئة، حيث لا يزال شعور الحياد والسلم في ألمانيا قويا، في ظل قلق الكثيرين من الجيش، والفظائع التي ارتكبها النازي، حيث وصف متظاهرون في دوسلدروف، خلال الشهر الجاري، شولتز، بأنه مولع بالحرب، على خلفية إرساله أسلحة إلى أوكرانيا“.

وبحسب الصحيفة، فإن ”هناك مخاوف داخل المؤسسة العسكرية الألمانية من البيروقراطية في توفير ما يحتاج الجيش من معدات وأسلحة، كي يستطيع مواجهة التحديات، إلا أن دعم 80% من نواب البرلمان، وتأييدهم الشديد للكلمة التي ألقاها المستشار شولتز، فيما يتعلق بالإنفاق على الجيش، يبدد تلك المخاوف نسبيا“.

تقييم قاتم وتحديث كبير

وقالت الصحيفة: ”أدت أعوام التقشف إلى نقص التمويل بالنسبة للجيش، وبحسب قائد الجيش الألماني، ألفونس مايس، فإن الجيش كان مفلسا يوم الغزو الروسي لأوكرانيا، وبالتالي، فإن خيارات عرض المساعدة على حلف شمال الأطلسي كانت محدودة للغاية“.

وفي كلمتها أمام البرلمان الألماني في نيسان/أبريل الماضي، بدا أن وزيرة الدفاع تتفق مع التقييم القاتم الذي قدمه ألفونس مايس، حيث قالت إن ”150 فقط من إجمالي 350 عربة مدرعة من طراز بوما، في الجيش الألماني هي التي تعمل، وإن 9 مروحيات فقط من إجمالي 51 مروحية هجومية من طراز تايجر، تستطيع الطيران“.

وأشارت ”فاينانشال تايمز“ إلى أنه مع نهاية الحرب الباردة في التسعينيات، كان قوام الجيش الألماني يبلغ نصف مليون جندي، ما يجعله أحد أقوى جيوش أوروبا من حيث العدد، ولكن مع سقوط حائط برلين، وتوحيد ألمانيا، وإلغاء التجنيد الإلزامي، فإن القوة البشرية للجيش الألماني تراجعت بنسبة 60%، في الفترة من عامي 2011 إلى 2019.

وقالت إنه ”لا توجد حتى الآن قائمة مشتريات واضحة بالنسبة للأسلحة التي سيحصل عليها الجيش الألماني في الفترة المقبلة، في ظل ميزانية الـ100 مليار يورو المخصصة للتحديث، إلا أن هناك صفقات تم الإعلان عنها بالفعل، تتضمن شراء 35 طائرة أمريكية من طراز إف 35، إضافة إلى تطوير أسطول المروحيات في القوات الجوية الألمانية، والحصول على عربات مدرعة جديدة من طراز بوما“.

قلق مستمر

وقالت المحللة في المعهد الألماني للشؤون الأمنية والدولية، كلاوديا ماجور، إنها ”تشعر بالقلق من عدم إنفاق الأموال بشكل حكيم“.

وقالت الصحيفة: ”أثارت الأموال المخصصة لدعم الجيش اشتباكات سياسية عنيفة بين الحكومة والمعارضة، يخشى خبراء عسكريون من أن الحكومة ستستخدمها ببساطة لزيادة ميزانية الدفاع، من أجل الوصول إلى هدف إنفاق حلف الأطلسي البالغ 2%، وهذا يمكن أن يؤدي إلى استنزاف الأموال بالكامل في غضون 4 أعوام، مع وجود خطر أنه بمجرد إنفاق تلك الأموال، فإن الميزانية الدفاعية سوف تتراجع مجددا“.

وختمت الـ“فاينانشال تايمز“: ”أيا كان الأمر، فإن الجيش الألماني يتمتع الآن بحالة زخم غير مسبوقة، إلا أن هناك قلقا من ألا يكون هذا الموقف وقتيا، وأن تخرج القوات المسلحة من بؤرة الاهتمام مجددا“.