نشرت مجلة "ناشيونال إنترست" الأميركية، تقريراً أشارت فيه إلى أن الصين تبني سوراً جديداً على غرار سور الصين العظيم، ولكن هذه المرة "تحت مياه البحر".

ويتكون السور، بحسب التقرير، من ألغام يمكن أن تعرقل تحركات القوات البحرية الأمريكية. مشيراً إلى أن طموحات الصين لنظام المراقبة تحت سطح البحر، باتت لا تقتصر على مياهها الساحلية، بل قد تنشره في جميع مناطق المحيط التي تمس مصالحها الوطنية.

وأشار التقرير إلى أنه في الوقت الذي يدرس فيه محللو الدفاع، التوازن العسكري المتطور في غرب المحيط الهادئ، تظل الاعتبارات المتعلقة بالحرب تحت سطح البحر في المقدمة.



ولفت إلى أنه "نظراً للقدرة الفتاكة لصواريخ كروز الحديثة المضادة للسفن، فقد تكون المقاتلات السطحية من جميع الأنواع نادرة في ساحة المعارك البحرية المستقبلية. كذلك فإن الضربات الدقيقة على القواعد الجوية تشير إلى أن المنصات الجوية يمكن أن تكون قليلة إلى حد ما خلال الأسابيع الأولى من أي صراع عسكري ينشب في منطقة آسيا والمحيط الهادئ".

وأوضح تقرير "ناشيونال إنترست" أن هذا التطور "يترك مصير المعركة في يد الغواصات التي تساعدها روبوتات تعمل تحت سطح المياه".

وذكر أن الخبراء الاستراتيجيين الغربيين يعلمون أن واشنطن تتفوق إلى حد كبير على قدرات بكين تحت سطح البحر، وهذا يشمل التفوق في التكنولوجيا الصوتية وثروة من الخبرة في كل من تشغيل الغواصات وتطوير ابتكارات تكنولوجيا الحرب تحت سطح البحر.

ومع ذلك، فإن موقف الصين قوي فيما يخص حرب الألغام، وجهودها كثيرة لتحسين قدراتها المضادة للغواصات، وفقاً للتقرير.

تراجع أسطول الغواصات

وذكر التقرير أن هناك أيضاً حقيقة تكمن في أن أسطول الغواصات الهجومية النووية التابع للبحرية الأميركية تراجع إلى مستوى منخفض، إذ سيبلغ 41 قطعة فقط بحلول عام 2029، وهي "فجوة" في القدرات البحرية للولايات المتحدة.

وتشير المجلة إلى مقال منشور بالصينية يناقش "نظام المراقبة تحت سطح البحر" الجديد في الصين، يوضح ضرورة تطوير هذا النظام للأمن القومي. وجاء في المقال أن الأمن البحري الصيني أصبح "معقداً بشكل كبير".

ويهدف نظام المراقبة تحت سطح البحر، بحسب التقرير، إلى تصحيح عدة فجوات، من بينها أن افتقار بكين للقدرة على مراقبة الأهداف تحت سطح البحر لا يتناسب مع وضعها كقوة عظمى. كما أنه لا يتناسب مع "التهديد الاستراتيجي المتزايد".

وتشير تقارير إلى أن العناصر الأولى لنظام مراقبة صيني تحت البحر دخلت المياه في عام 2010. فيما تلفت تقارير أخرى إلى أن التثبيت الأول للنظام كان بالقرب من مقر أسطول بحر الشمال الصيني في مقاطعة تشينغداو.

وتم تثبيت أجهزة أخرى قبالة جزيرة هاينان في عام 2011، ودخل جزء من النظام حيز التشغيل للاختبار في مايو 2013، بالقرب من قاعدة الغواصة النووية "سانيا".

كما تم ذكر مشروعين آخرين، أحدهما بالقرب من شنغهاي في يانغشان، وآخر تديره جامعة تشجيانغ. وتم نشر النظام الأخير في أغسطس 2013، بحسب المجلة الأميركية.

وقالت "ناشيونال إنترست" إن طموحات الصين لأنظمة المراقبة تحت سطح البحر لا تقتصر على مياهها الساحلية، بل قد يتم نشرها في جميع مناطق المحيط التي تمس المصالح الوطنية الصينية. لذا، قد يتم وضع الأنظمة في "البحار القريبة، وأعماق البحار البعيدة، وحول الجزر المطلة على البحار البعيدة، وكذلك في الممرات الاستراتيجية ومثل هذه المناطق".

مشروع فضائي

ويقارن هذا المسعى بمشروع فضائي من حيث التعقيد والصعوبة. إذ رأت المجلة الأميركية أن هذه التطورات بمثابة تحذير من أن بكين "ليست مستعدة ببساطة للاستسلام للهيمنة الأميركية تحت سطح البحر".

ويحاول تقرير نشرته مؤسسة "راند" بشأن التوازن العسكري المتطور في غرب المحيط الهادئ، أن يضع نموذجاً لمعركة افتراضية في حرب تدور رحاها تحت سطح البحر.

على سبيل المثال، خلص تقييم للغواصات الأميركية التي تعمل ضد قوة برمائية صينية تغزو تايوان إلى استنتاج مفاده أن القوات الصينية المتزايدة للغواصات المضادة للغواصات قد تفتك بـ 1.82 غواصة أميركية في الأسبوع. وإذا استمرت المعركة أسبوعين، فمن المفترض أن تتوقع البحرية الأميركية خسارة ما يقرب من 3 إلى 4 غواصات.

لكن هذا الاستنتاج، الذي تترتب عليه خسائر كبيرة جداً للولايات المتحدة، قد يكون في الواقع متفائلاً للغاية، بحسب التقرير الذي أوضح أنه يمكن للصين استخدام منصات غير تقليدية مثل سفن خفر السواحل أو حتى قوارب الصيد للقيام بدوريات في مناطق تشغيل "غواصات الأعداء"، والإبلاغ عما تشاهده وإطلاق الصواريخ.

وخلص تقرير المجلة إلى أنه في المياه التي قد تكون ضحلة وصاخبة للغاية، ستكون هناك مشكلات تقنية لأجهزة الاستشعار الجديدة الموجودة تحت سطح البحر في بكين. لكن العلماء الصينيين يعملون بجد في محاولة لإتقان مبادئ صوتيات المياه الضحلة.