استهداف العراق من قبل نظام «ولاية الفقيه» والذي يمكن اعتباره المرتكز الأساسي في مشروع هذا النظام الذي يتم تطبيقه حالياً في المنطقة على قدم وساق، يأتي للثقل والمكانة المميزة التي كان يحتلها هذا البلد على الخارطة السياسية العربية، فهو إضافة إلى كونه يشكل قلب العروبة النابض والسد المنيع للأمة بوجه الأعداء والطامعين وأن مراجعة الدور المشرف والبارز الذي اضطلع به هذا البلد العربي في حروب 1948 و1967 و1973، أثبت بأنه كان السباق وفي الطليعة دائماً من أجل نصرة القضايا الأساسية للأمة العربية، كما إن موقعه الجغرافي بالغ الأهمية والحساسية لكونه جار للمملكة العربية السعودية والكويت والأردن الذي له لدينا حديث بشأنه لاحقاً.
من يتابع مشروع نظام «ولاية الفقيه» يجد أن هذا المشروع لم يكن فعالاً ومؤثراً وذا تداعيات إلا بعد استتباب الأمر له في العراق، وحقاً علينا أن نتذكر جيداً بأن العراق قد كان بحق وحقيقة حامي البوابة الشرقية للوطن العربي، ولم يكن بوسع نظام «ولاية الفقيه» مطلقاً التحرك وبث سمومه عندما كان العراق معافياً مقتدراً، لكن الأحداث والتطورات المختلفة التي مهدت الظروف والأوضاع المناسبة لهذا النظام كي ينتهز الفرص كعادته ويستغلها أبشع استغلال بحيث قادت في النتيجة إلى فرض نفوذه وهيمنته على العراق حيث عمل على الوصل مع سوريا ولبنان الرازحتين أساساً تحت الظل الداكن والمقيت لهذه الهيمنة والنفوذ.
السيطرة على العراق من قبل هذا النظام غير كثيراً من موازين القوى وجعل فيها اختلالاً ملفتاً للنظر، ودفع هذا النظام أن يطمح إلى بسط نفوذه وهيمنته على دولتين تعتبران بالنسبة له المفتاح الرئيس للمنطقة، خصوصاً وأن السعودية تعتبر الهدف الأهم والأكبر لهذا النظام لأسباب واعتبارات تتعلق بمكانتها وصدارتها المعتبرة في العالم الإسلامي، وعلينا هنا ومن باب إلقاء الضوء على الأهمية والحساسية الخاصة للسعودية أن نستذكر ما قد أكده الخميني في خطابه بمناسبة وقف إطلاق النار في الحرب الإيرانية العراقية عام 1988، عندما ذكر» إننا ولو تصالحنا مع صدام حسين ولو تصالحنا مع إسرائيل لكننا لن نتراجع عن حكومة «نجد وحجاز»»، وهذا بحد ذاته يوضح المطامع والأهداف المشبوهة والخبيثة لهذا النظام ضد السعودية، والتي تعتبر الهدف التالي إلى جانب الكويت في المشروع التوسعي لنظام «ولاية الفقيه».
اليوم تنطلق دعوات صريحة وفي منتهى الصلافة من جانب قادة ومسؤولين في نظام «ولاية الفقيه» تطالب بتأسيس الحرس الثوري العراقي بعد أن صار للحرس الثوري تواجد مباشر ورسمي في العراق في ظل حكومات هزيلة عميلة ليس بإمكانها أن تقدم على أية خطوة مضادة للنفوذ الإيراني مهما كانت صغيرة، والذي يحز في النفس ويدعو للألم والتأسف البالغ أن هذا المشهد المخجل يجري وسط صمت وتجاهل عربي مفضوح.
السؤال الذي ينبغي طرحه هو هل سيقف طموح وجنوح الولي الفقيه في إيران إلى حد العراق أم لا؟ الجواب الذي يأتي ضمن معلومات مؤكدة وموثقة من عدة مصادر متابعة عن كثب بأن الخطة تقول: التحرك سيكون باتجاه حدود المملكة العربية السعودية من جهة العراق، خصوصاً وأن المعلومات الواردة من هناك تشير إلى استعدادات لبناء قواعد ومعسكرات قرب الحدود السعودية تحت إشراف وتوجيه مباشر من الحرس الثوري الإيراني وذلك بالتزامن مع تحرك باتجاه الكويت.
المعركة الدائرة في الفلوجة والتي هي في الواقع استعراض عسكري كبير من قبل قائد فيلق القدس قاسم سليماني حيث استدعى فيها ميليشيات من البحرين والسعودية ولبنان وأفغانستان في وقت يصرح فيه وزير خارجية العراق إبراهيم الجعفري بأن سليماني هو مستشار عسكري للحكومة العراقية وذلك للتغطية على دوره الأكثر من مفضوح ومشبوه في العراق والذي هو بالأساس موجه ضد الأمة العربية كلها.
الأحداث والتطورات القادمة ستكون أشد وأسوأ على أمننا القومي العربي لو لم نقف بوجه مخطط «الولي الفقيه» ونفشل مؤامراته ولاسيما عبر دعم الداخل العراقي وخاصة دعم المشروع الوطني العراقي المنبثق عن مؤتمر المعارضة العراقية في باريس والتحرك الخارجي من خلال جبهة عريضة تضع فضح وكشف مشروع نظام «ولاية الفقيه» ضمن أولوياتها.
* الأمين العام للمجلس الإسلامي العربي في لبنان