في التاسع من الشهر الحالي بث التلفزيون الإيراني الرسمي اعتذارات لنساء احتجزن لفترة وجيزة في مايو الماضي «لنشرهن أشرطة فيديو يرقصن فيها ضمن حساباتهن المعروفة على إنستغرام». ذكرت ذلك «هيومن رايتس ووتش» التي أكدت أيضاً أن شابرك شجري زاده التي كانت قد خلعت حجابها علناً في يناير الماضي احتجاجاً على قوانين الحجاب الإلزامية صدر بحقها حكم بالسجن لمدة 20 سنة مع تعليق 18 سنة منها، أي قضاؤها سنتين في السجن بسبب التعبير عن رفضها لبعض صور التخلف الذي يمارسه النظام المختطف للثورة الإيرانية في طهران.

«إنه لعمل تعسفي ومحرج أن تجبر مراهقة على الاعتذار عن رقصها أمام الكاميرا.. وهو مزيد من الانحدار للسلطات الإيرانية. على سلطات البلاد التوقف عن مضايقة جميع من يعتقلون لممارسة حقهم في حرية التعبير». هذا كان تعليق مديرة قسم الشرق الأوسط في هيومن رايتس التي دعت السلطات الإيرانية إلى الكف عن مضايقة النساء ومحاكمتهن لممارستهن حرية التعبير، بما يشمل استخدام الإنترنت، وإلغاء القوانين التمييزية مثل قانون اللباس الإلزامي للنساء.

المثير في الأمر أن مدير العلاقات العامة في هيئة الإذاعة والتلفزيون الإيرانية الرسمية قال في اليوم التالي وبعد سيل الانتقادات إن «السلطات القضائية طلبت منا نشر هذا المحتوى» أي أنه تم إجبارهم على نشره.

التقارير التي تم تناقلها على إثر ذلك تحدثت عن أن «القانون الإيراني يحدد بشكل فضفاض الأفعال التي يراها لا أخلاقية» وهو ما يعطي السلطة تفصيل الأحكام على هواها وفرض رقابة على كافة أشكال التعبير الثقافي وخصوصاً الفن والموسيقى ومحاكمة أي شخص على أي فعل وخصوصاً النساء والأقليات.

حسب التقارير فإن الحرس الثوري الإيراني اعتقل منذ 2016 عدداً من مدوني الأزياء واستجوبهم وأكثرهم نساء بسبب نشرهن صوراً ومقاطع فيديو تظهرهن من دون حجاب ومع ماكياج، بينما أصدرت المحاكم الكثير من الأحكام بالسجن على نساء عبرن عن عدم رضاهن بالقوانين التي تضيق عليهن ومنها قانون الحجاب الإلزامي بخلع الحجاب في أحد الشوارع.

في هذا الخصوص قالت هيومن رايتس ووتش إن «فرض قانون اللباس الإلزامي للنساء في إيران ينتهك حقوقهن في الحياة الخاصة والاستقلال الشخصي وحرية التعبير، فضلاً عن حرية الدين والفكر والضمير، وهو شكل من أشكال التمييز الجندري المحظور بموجب القانون الدولي» بينما «يكفل العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، والذي صادقت عليه إيران، حق الناس في حرية التعبير والخصوصية وحرية الدين». طبعاً الحديث هنا وحديث المنظمات الحقوقية ذات العلاقة ليس عن كون الحجاب أو النقاب مقبولاً أم لا ولكنه عن سياسة فرض الحجاب والنقاب بالقوة وفرض القيود على ارتداء هذه الثياب الدينية لأن في ذلك تدخلاً لا يتناسب مع الحقوق الأساسية ويتضمن تمييزاً.

النظام الإيراني يضع جانباً «العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والأفكار من جميع الأنواع والتي إيران طرف فيه ويضمن احترام الحرية التي لا غنى عنها للنشاط الإبداعي» ويفرض ما يريده هو على الشعب الإيراني وخصوصاً النساء، ويسمح لنفسه بانتقاد الدول الأخرى فيما يخص الالتزام بالعهود والمواثيق الدولية.

من الأمور التي لا يدركها النظام الإيراني والتي يصعب عليه إدراكها هو أنه في عصر وسائل التواصل الاجتماعي لا يمكن له ممارسة تخلفه بالكيفية التي يريد وأنه لن يتمكن بعد قليل من السيطرة على هذه الوسائل ولن يسمع العالم أخباراً معبرة عن تخلفه كالتي بثها التلفزيون الرسمي وأظهر مراهقات يقدمن اعتذارهن على ممارستهن لحق بسيط من حقوقهن.

هذا لا يعني أن من الآخرين من لا يعاني من مثل هذا التخلف، فبيننا من يختطف لقطة لامرأة ترقص في حفل زواج خاص ويعمد إلى توظيفها ضدها والإساءة إليها.