أكمل ما بدأته الأسبوع الماضي حول المقترح الذي كنت أنوي التقدم به في حال دخولي للمجلس النيابي. وهو يتعلق باستبدال طاقم الموارد البشرية الأجنبي في أي شركة من الشركات «رأس مالها مليون وما فوق»، سواء بحرينية أو أجنبية بطاقم بحريني.

عملية التوظيف في الشركات تخضع لاعتبارات كثيرة وهناك سلسلة من القرارات تؤثر عليها، أسرد جزءاً منها هنا.

فالتوظيف يبدأ بطلب من إدارة معينة في الشركة للموارد البشرية للبحث عن مرشحين لسد نقص فيها. ثم تجتمع هذه الإدارة مع المعنين بشؤون التوظيف في الموارد البشرية ويقدمون لهم وصفاً وظيفياً بمتطلبات الوظيفة مع اقتراح المؤهلات. تقوم بعد ذلك إدارة الموارد البشرية بالبحث في أرشيف السير الذاتية التابع لها، فإن وجدت من هو مناسب قدمته للإدارة التي يوجد بها الشاغر للنظر فيه. وإذا لم تجد المواصفات المطلوبة قامت بالإعلان عن الوظيفة في وسائل الإعلام.

ومع تقدم عدد من الأشخاص للوظيفة المعلنة تبدأ إدارة الموارد البشرية بعملية فرز تختار فيها بعض ممن تقدموا للوظيفة الذين تراهم الأصلح لشغل الشاغر المتوفر.

وعلينا أن نتوقف هنا عند عملية الفرز هذه حيث تعتبر مرحلة حساسة وفارقة في طريق التوظيف. فإدارة الموارد البشرية في هذه المرحلة تملك القدرة أن تقبل أو ترفض أي طلب يصلها. فالصلاحية المعطاة لها تجعلها تتحكم إلى حد كبير في من يدخل أو لا يدخل الشركة.

لذلك يأتي مقترح بحرنة الموارد البشرية كنوع من الضمان ألا تهمل السيرة الذاتية للبحريني لأننا أسسنا في المقال الماضي افتراضية تجاهل إدارة الموارد البشرية، إن كانت أجنبية، طلبات التوظيف المحلية إما لأنها لا ترغب بوجود المواطنين في الشركة أو لجهلها بقدرات البحريني وعلمه وخبرته.

بعد أن تتم عملية الفرز تبدأ مرحلة مقابلات المرشحين، وعادة ما تدير هذه المرحلة إدارة الموارد البشرية فيحضر ممثل عنها مقابلات العمل ويضع ملاحظاته على أداء المرشحين خلال المقابلة بالتعاون مع المسؤولين من الإدارة التي يوجد بها الشاغر.

وهنا أيضاً تلعب الموارد البشرية وممثلوها دوراً مهماً، فهي قد ترفع من أسهم مرشح معين وتخفض من أسهم آخر. فتأثير الموارد البشرية وممثليها قوي في هذه المرحلة وقد يغير قرار التعيين في كثير من الأحيان.

وهنا نفترض أيضاً، وهو افتراض واقعي وليس من نسج الخيال أن إدارة الموارد البشرية إذا كانت أجنبية ستميل «أحياناً لا شعورياً»، لمن هم أقرب لها شكلاً ولغة وثقافة فتؤثر سلباً على قرار توظيف البحريني.

المقترح يطالب ببحرنة الإدارة من رأسها إلى أصغر موظف لأن عملية صنع القرار فيها لا تكون من فوق إلى تحت فقط، بل في أحيان كثيرة من تحت إلى فوق. مثلاً، قد يكون مدير الموارد البشرية بحرينياً لكن أعضاء فريقه من الأجانب، وهؤلاء سيكون لهم تأثيرهم في عملية الفرز والاختيار بلا شك. فالمدير وحده لا يستطيع أن يقوم بكل شيء، وإذا قام فريقه باختيار قائمة من المرشحين لوظيفة ما، قد لا يجهد نفسه كثيراً في البحث عن بدائل ويتعامل مع ما تم تقديمه له من خيارات.

طبعاً، علينا ألا نغفل جوانب أخرى تؤثر في عملية التوظيف. فهناك عامل تأثير عمودي يأتي من مجلس إدارة الشركة أو الإدارة التنفيذية العليا اللذين قد يصران على اختيار مرشح دون آخر أو مرشح من جنسية معينة دون أخرى وهذا يحصل ووارد. كما أن هناك تأثيراً أفقياً بحيث تضع الإدارة التي يوجد بها شاغر مواصفات ومؤهلات للموظف الجديد تعلم أنها من الصعب توفرها لدى البحريني وبذلك تجبر الموارد البشرية على البحث خارج البلاد عمن يسد الشاغر.

للمقترح جوانب أخرى لا تسمح المساحة هنا أن أخوض فيها بتفصيل ولكن هذه ملامح منه. وأكرر التأكيد على أهمية دور إدارة الموارد البشرية في أي مؤسسة وأرى أن بحرنتها ضرورية في هذا الوقت، فانعكاسات البحرنة ستكون طيبة على توظيف البحرينيين مع ضرورة وجود ضوابط ومراقبة بلا شك. وأعتقد أن دولاً مجاورة بدأت في تطبيقها، ومن المرجح أن تجني ثمارها في القريب العاجل.

فلنا أن نتخيل كم بحريني سيكون في أمان لو كان من يحقق معه بحريني مثله وليس أجنبياً في خلاف بينه وبين مسؤوله الأجنبي مثلاً. وإلى أي قدر سيكون شعور البحريني بالاطمئنان إذا وجد أبناء بلده يديرون هذه الإدارة على افتراض أن يكونوا أكثر تفهماً لوضعه وظروفه.