أرجو التمعن في العنوان جيداً فتوظيف البحريني في الوظائف ذات الرواتب المجزية ومنحه الأولوية في حال تحقق العناصر المطلوبة فيه، ما هو إلا أحد أو جزء من مجموعة أهداف بإمكاننا أن نحققها لو تم وضعها تحت مظلة واحدة وهي «المحتوى الوطني».

وقبل أن أستغرق في الحديث عن قصة «المحتوى الوطني» أود فقط أن أشكر الحكومة على تجاوبها مع ما طرح في الصحافة وما طرح في غرفة تجارة وصناعة البحرين وما طرح في مجلس النواب حول ضرورة تركيز عملنا باتجاه الأهداف، أي أن تكون برامجنا لصالح البحريني كموظف وكتاجر وكصاحب مؤسسة وكحرفي، فالجميع في مركب واحد والأهداف مشتركة وواحدة، وأكثر من سيصفق له في حال تحقق الأهداف هو الحكومة فهي الجهة المنفذة.

المبادرة الحكومية «لتوظيف البحريني» هي خطوة تعيدنا على الطريق الصحيح وهي ما نحتاجه من مبادرات تعيد الأمور لنصابها وتركز على الهدف الأساسي الذي ضاع منا أثناء جرينا واجتهادنا في تعزيز الوسائل، فحققنا نمواً في الوسيلة أي في «النمو الاقتصادي» ولكننا لم نصب الهدف، فلم يستفد من هذا النمو البحريني، ومن استفاد فلم يحصل على لب الكعكة إذ استولى عليها الأجنبي، فتأتي هذه المبادرة للتأكد بأن ثمار النمو يحصدها البحريني.

نعود لموضوعنا الهام أي للمظلة الشاملة التي بودنا أن تأخذ بها البحرين كما أخذت بها السعودية والإمارات والآن عمان في الطريق وحتى قطر بدأت تتجه لها، وبقينا نحن لم نضعها كتوجه استراتيجي في مجال الاستثمار سيشمل ضمن ما يشمله توظيف البحريني وأموراً أخرى تعود بالخير على البحرين.

وتبدأ القصة من أرامكو بطرح مبادرة وطنية اسمها «اكتفا» تبنتها فيما بعد شركات سعودية كبيرة أخرى كسابك ومعادن والآن تحولت إلى مبادرة وطنية تبنتها رؤية 2030 وتتلخص في اشتراط وجود «محتوى وطني» في أي مناقصة تطرح للمستثمرين، وكلما التزمت بها الشركات المتقدمة بالعطاء زادت فرصها في نيل المناقصة، فما هي معادلة «اكتفا»؟

هي نسبة مئوية من قيمة المناقصة الكلية التي ستحصل عليها الشركة، ستعود للسوق السعودية، كيف؟ كلما زادت النسبة كلما ربحت نقاطاً كثر.

بمعنى لو كانت المناقصة قيمتها 100 مليون ريال فإن «اكتفا» هي نسبة ما ستصرفه من هذه المائة مليون داخل السعودية.

وتحتسب على توظيف وتدريب السعوديين والمنتج السعودي والسوق السعودي، كلما زاد ما تصرفه على هؤلاء كلما زادت فرصك لنيل المناقصة عند فتح العطاءات حتى لو كان عطاؤك أعلى.

سيسألونك كم منتجاً ستشتريه من السوق السعودي وكم تبلغ قيمته؟

كم القيمة المضافة لهذا المنتج الذي ستضيفه شركته؟

كم سعودياً ستوظف وما هي معاشاتهم؟

كم سعودية ستوظف وما هي معاشاتهن؟

كم دورة تدريب للسعوديين؟ وكم ستكلف؟ وفي أي مجالات؟

تأسيس مراكز أبحاث ودراسات داخل السعودية.

وكم بحثاً سجل باسم السعودية وما هو مجاله؟

تطوير المنتج السعودي الذي ستشتريه والدخول في مجال التصنيع.

تصدير المنتجات المصنعة محلياً لغير السعوديين.

كلما زاد صرفك على هذه الاشتراطات زادت فرصتك في نيل العطاء.

وهكذا تضمن السعودية بأن ما تمنحه للجهة الاستثمارية يعود مرة أخرى لسوقها عن طريق توظيف أبنائها وتدريبهم وحصولهم على وظائف برواتب مجزية وتطوير المنتج السعودي وتصديره وتوطين الخبرة والتكنولوجيا، فوصلت بعض النسب التي تعود للداخل السعودي إلى أكثر من 50% من قيمة العطاءات.

تقوم «أدنوك» في دولة الإمارات بوضع ذات الاستراتيجية بل وتتشدد في وضع عقوبات لمن يعطي من الشركات الاستثمارية أرقاماً ونسباً لا يستطيع الالتزام بها خاصة وأن هناك مدققين من جميع الأطراف على تحقيق هذه المعادلة «اكتفا».

إحدى هذه الشركات الاستثمارية التي تقدمت للعطاءات في السعودية وحصلت على مجموعة مشاريع بقيمة تتجاوز 200 مليون دولار في العام الواحد ولها مكتب في البحرين، وضعت دراسة لتحديد خسارتها أو ربحها لو أنها التزمت بهذه المعادلة وإن كانت مجزية، فوجدت أنها مجزية على المدى البعيد وأنهم مستعدون للالتزام بها بل والتنافس مع الآخرين لرفع نسبتها ومع ذلك سيحققون أرباحاً!!

السؤال ماذا عنا نحن في البحرين؟

لدينا صفقات كبيرة ومشاريع كبيرة في شراء الأسلحة والطيران العسكري والمدني والبترول والألمنيوم تستطيع لو شاءت البحرين أن تطبق ذات الاستراتيجية فتشمل الاستفادة البحرينية أكثر من مجرد ضمان التوظيف للبحريني.

المسألة بحاجة إلى أن تثق بنفسك بوطنك بمميزاتك بقدرتك وألا تقلل من ذاتك، وأن تتأكد أن الآخرين بحاجة لك بقدر حاجتك لهم حتى، وأن الآخر عينه زرقاء وشعره أشقر!!