من هو الرجل الذي أطلقت عليه الصحافة الأوروبية لقب «دالاي لاما العراق» لمكانته؟ إنه السيد علي الحسيني السيستاني، المرجع الديني الأكبر للشيعة في العالم، الذي يتصدر زعامة الحوزة العلمية في النجف، ويعيش منذ ستين سنة في العراق في مدينة النجف. يعد السيستاني أحد أكبر الشخصيات النافذة في العراق نظراً لامتداد مرجعيته الدينية، فكان له دور كبير في كثير من التحولات السياسية بعد تغيير النظام عام 2003. وقد كان من قراراته الهامة فتوى الجهاد الكفائي وإنشاء ميليشيات الحشد الشعبي لوقف تمدد تنظيم الدولة الإسلامية «داعش» الإرهابية التي كادت أن تصل إلى بغداد. وقد أصبح الحشد الشعبي قوات نظامية عراقية، وجزءاً من القوات المسلحة العراقية، تأتمر بإمرة القائد العام للقوات المسلحة ومؤلفة من حوالي 67 فصيلاً، حيث أقرّ قانون هيئة الحشد الشعبي بعد تصويت مجلس النواب العراقي بأغلبية الأصوات لصالح القانون في 26 نوفمبر 2016.

لكن الحشد الشعبي أخذ في القيام باقتراف الممارسات السيئة ضد المدنيين مما جعله عائقاً أمام تحول العراق من أرض حرب إلى أرض سلام. وزاد الطين بلة أن الحشد الشعبي موالٍ لإيران بشكل معلن ويقود تحركاته الجنرال سليماني الذي أرسل بعض وحداته للقتال في سوريا. وقبل أيام زار الرئيس الإيراني حسن روحاني العراق، وبينما يرى البعض أن الزيارة تحظى باهتمام البلدين لتوطيد العلاقات الاقتصادية والسياسية بينهما، وتؤكد على أهمية العراق في أن يكون وسيطاً مؤتمناً على المصالح المشتركة بين الدول الإقليمية، يرى آخرون أن هدف الزيارة الأهم وغير المعلن يتمثل بالالتفاف على العقوبات الأمريكية المفروضة على إيران، وسعي الأخيرة إلى مد نفوذها الاقتصادي في العراق.

لكن آية الله علي السيستاني استغل الحاجة الإيرانية للعراق فأصدر المرجع الشيعي الأعلى مطالبه بحصر السلاح بيد الدولة، باعتباره أهم تحدٍ يواجه السلام، فأثار هذا تساؤلات كثيرة، فالبيان صدر مباشرة بعد لقائه بالرئيس روحاني في مدينة النجف. فهل أراد السيستاني إبلاغ طهران أنه يتفق مع العالم أن الحشد الشعبي انتفت أغراض وجوده، وأنه أصبح هماً لا مكسباً للعراق حيث أنه أُعتبر ضمن ميليشيات مسلحة مصنفة دولياً ضمن مجاميع إرهابية تمتلك مقرات مستقلة في المدن العراقية وما زالت تحتفظ بأسلحتها بعد استعادة مدينة الموصل من تنظيم داعش، وتلقى دعماً مالياً وتسليحياً من الحرس الثوري الإيراني، وتدين بالولاء للمرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي وبإشراف من قائد فيلق القدس قاسم سليماني. فهل أصبح السيستاني يتحدى طهران؟

* اختلاج النبض:

إن غير القابل للتصديق هو مدى ضعف الحكومة العراقية حتى يكون أمر بقاء أو حل الحشد الشعبي في يد السيستاني أو روحاني أو سليماني ببساطة لكون الحكومة العراقية هي التي تمول الميليشيات وسهولة الاستغناء عن خدمات الحشد تتم بتسريح كوادره عبر وقف رواتب من لا ينضم للجيش العراقي.