اهتم معهد شنغهاي للدراسات الدولية -تحول بعد ذلك إلى أكاديمية شنغهاي للدراسات الدولية- اهتماماً كبيراً بمفهوم الثقافة ودورها في العلاقات الدولية وخاصة بمناسبة ذكرى الخمسين عاماً لإنشاء المعهد.

وأبرز Yang Jiemian الاهتمام في كلمة بالمعهد حول دور الثقافة وأثرها في العلاقات الدولية في مؤتمر بالمعهد بمناسبة الذكرى الخمسين لإنشاء المعهد في يونيه 2007 وفي مداخلة بالمؤتمر، ذكر أن دور الثقافة تراجع في الدراسات والعلاقات الدولية لصالح دور القوة الاقتصادية والقوة العسكرية ولكنة عاد للتأثير مجدداً بعد صدور كتاب Soft Power للعالم الأمريكي جوزيف Joseph Nye عن دور القوة الناعمة في السياسة الدولية وتشمل الثقافة أنواعاً معينة ومتعددة من الأمور مثل دبلوماسية المتاحف كجزء مهم من الدبلوماسية الثقافية ومن هنا تتبادل الدول إقامة المعارض الفنية والأثرية وزيادة الاهتمام بالمقتنيات الثقافية بين الدول وبخاصة بين الصين والولايات المتحدة وهذا أحدث نقلة نوعية في علاقات الدولتين كذلك بين الصين والهند وهما أكبر قوتين في آسيا.

ومن ناحية أخرى نشير إلى مفهوم التطرف الديني والصراع الثقافي وما يرتبط به من تطور النظرة للثقافة في العلاقات الدولية منذ الستينات في القرن العشرين والاهتمام الأكاديمي من العالمة آدا بوزمان في كتابها «السياسة والثقافة في التاريخ الدولي» الذي صدر من جامعة برنستون عام 1960 حيث تم إحياء الاهتمام بدور الثقافة في العلاقات الدولية من قبل معهد شنغهاي للدراسات الدولية وعقد مؤتمر دولي لذلك وأصدر كتاب خاص في هذا الصدد.

Adda B. Bozeman «Politics and culture in international History»

وبين المرحلتين ظهرت مؤلفات «بوزمان» ومعهد شنغهاي في أوائل القرن الحادي والعشرين صدرت عدة مؤلفات من أشهرها.

* صامويل هنتنيتون Huntington في كتابه صراع الحضاراتClash of Civilization فوكوياما في كتابه «نهاية التاريخ» End of History and the Last Man .

* ريتشارد نيكون في كتابه «انتهاز الفرصة» Seizing the Opportunity .

ويلاحظ أن هذه المؤلفات الثلاثة ركزت على أهم حضارتين مازالتا باقيتين وهما الحضارة الصينية والحضارة الإسلامية واعتبرتهما حضارتين معاديتين للحضارة الغربية وتجلى ذلك بوجه خاص ضد الإسلام منذ أحداث 11-9-2001 حيث تم وصف الإسلام بـ «الإرهاب والتطرف والجمود».

نادى مفكرون وعلماء كثيرون من كل دول العالم الإسلامي والصين بضرورة توقف الدول الغربية عن نظرتها السلبية للحضارتين الإسلامية والصينية وضرورة تخلي الدول الغربية عن مفاهيم الصراع والعداء والدعوة إلى مفاهيم الحوار والتفاعل والتعاون وأهمية التركيز على التعليم الثقافة والوفاق الدولي على المستوى العالمي بدلاً من التركيز على الصراع والتنافس والعداء. وقد حرصت الصين منذ أواخر القرن العشرين وأوائل القرن الحادي والعشرين على إحياء فكر وفلسفة كونفوشيوس وخاصة مفهوم التناغم بين الدول والشعوب والتفاهم والتعاون والنظرة للطبيعة البشرية باعتبارها طبيعة خيرة تسعى للتعاون والتفاهم وليست طبيعة شريرة تتجه للصراع والعداء والسيطرة على الآخر كما ردد ذلك بعض العلماء الغربيين وخاصة في نظرتهم للحضارتين الصينية والإسلامية.

وللحديث بقية.

* مساعد وزير الخارجية الأسبق للتخطيط السياسي وسفير مصر الأسبق في الصين وخبير الدراسات الصينية والدراسات الاستراتيجية