إيقاع الحياة بين صعود وهبوط، تارة يتسارع وأحياناً يكون في هدوء، يتجرع البعض المرارة والحلاوة، بين حياة الماضي والحاضر، وهذا يدعونا إلى أن نفكر كثيراً بما هو آت من مستقبل مثمر أو من مستقبل يحمل بين ثناياه التعب والمعوّقات، وأهم تحدّ يواجهه المواطن هو الراتب، لا يزال مصير الراتب ساكناً دون حراك، كل شيء تغير حولنا إلا الراتب، حلت الضرائب على المواطن كضيف ثقيل - وما أدراك ما الحال بعد الضرائب - فبالرغم من مرارة الحياة وقسوتها ظل الراتب صامداً كما هو، ارتفعت الأسعار والراتب في صدمة فهو الثابت ومن حوله متغير يدور حول نفسه كما يدور المواطن حول نفسه يضرب أخماساً في أسداس، والراتب لا يكاد يسد الحاجيات.

هل نحن نتقدم أم نحن نعود إلى الوراء، وما معيارنا في جودة الحياة والرفاهية الموعودة، هل واقع التعليم والعلاج مرضٍ أم سنعود إلى فترة ما قبل طفرة اكتشاف النفط؟ هل التعليم في المملكة ينافس التعليم قبل خمس عشرة سنة أو عشرين سنة في جودته؟ هل التكنولوجيا التي نفاخر بامتلاكها أرجعتنا إلى الوراء حين أسأنا استخدامها فلم نعد نمتلك تلك المهارات في التذكر والحفظ وبتنا نعجز عن حل أبسط العمليات الحسابية، واعتمدنا على خارطة إلكترونية وذكاء إلكتروني في حين كانت العقول تعمل لتثبت جدارتها؟ هل مخرجات التعليم اليوم تنحصر في معدل التخرج أم لا يزال الهاجس هو التعلم والفهم؟ هل التطور في مجال الطب قلص الأمراض وحاصرها، أو باتت الأمراض تتوالد بشكل مخيف، حتى أصبح تطورنا عاجزاً عن ردع غول الأمراض المستعصية؟ هل نحن نتقدم أو نعود إلى الوراء حين هلت طفرة السيولة في البنوك وأصبح البعض يتنفس في منزل جميل وخادم وخادمة وسفر ورفاهية حتى أصبحت الكماليات أساسيات وضرورة للحياة مثل الماء والأكل والسكن، ووقفنا بعدها لنعود إلى الوراء؟

أتصور بعد عشر سنوات قادمة ستتغير ثقافة العيش في البحرين وسياسة التقشف التي أتمنى ألا يصاحبها نوع من البخل والحرص الزائد، البيوت أصبحت أصغر وستصبح أكثر صغراً من ذلك نظرا للكثافة السكانية ولكلفة البناء وارتفاع سعر شراء العقار مقارنة بالتفكير في تكلفة صيانة المنزل، والإقبال على شراء أو استئجار الشقة بدل البيت، وستكتفي العائلة الواحدة بسيارة أو سيارتين مع اختيار سيارة صغيرة لا تستهلك البنزين كثيراً، وسيشمل ذلك خفض معدل الشراء من أطعمة وملبوسات وغيرها حتى وإن كانت ضرورية. سيكتفي المواطن بالأكل خارج المنزل مرة كل أسبوع أو ربما مرتين في الشهر، سيعتبر السفر والترفيه منحصراً على الطبقة الغنية فقط وسوف تنقرض الطبقة الوسطى من المجتمع البحريني، وبالتأكيد إن لم نعالج الأمر فعدد المقيمين سيفوق بكثير عدد المواطنين وسيكون معظم أثرياء البلد من الآسيويين. الضرائب ستلاحقنا بصورة أكبر ربما حتى التعليم في البحرين لن يبقى بالمجان أو ربما سيطرح للخصخصة وكل شيء حولنا سيتغير ربما للأحسن أو للأسوإ، ليست نظرة تشاؤمية ولكنها تمهيد لمستقبل ربما يكون صعباً لا نعلمه، ولكن ما زلنا نأمل بالرفاهية الموعودة، وهذا يدعونا إلى أن نتساءل هل سنتراجع في جودة العيش بعدما تلذذنا لفترة بسيطة جداً بالحياة ليصدمنا واقعنا بأن كل ذلك بات على شفا حفرة والسؤال من السبب ولماذا نشعر بأننا نعود إلى الوراء ولا ننعم بموارد بلادنا كما ينبغي؟