المارق في اللغة هو الخارج من الدين فهو ملحد وكافر، والقول بأن قطر دولة مارقة يعني بأنها اتخذت قراراً بالخروج من الجماعة التي هي فيها وتنتمي إليها وصارت بدل أن تعمل لصالحها تعمل ضدها. ولأن قطر اختارت طريق الإساءة إلى الآخرين وخصوصاً القريبين لذا صار من الطبيعي وصفها بالمارقة. قطر إذن دولة مارقة تعمل على الإساءة إلى الإجماع الخليجي، لهذا فإنها تشكل خطراً على مجلس التعاون الذي بني قبل 40 سنة ووفر مثالاً فريداً ونموذجاً يستحق الدرس والبحث.

مروق قطر يستدعي من بقية الأعضاء في دول مجلس التعاون إعادة النظر في عضويتها واتخاذ موقف موحد منها والتعامل معها بطريقة تتناسب مع وضعها الجديد، فهذه الدولة المارقة لا تعمل على الإساءة إلى البحرين فقط ولكنها تسيء إلى كل دول المجلس بما فيها هي نفسها، فما تقوم به تسيء به إلى الشعب القطري أيضاً، هذا الشعب الذي صار يخجل من قيادته وحكومته واضطر إلى ترك الرفاهية جانباً والتفرغ للعمل على التخلص مما صار فيه بسبب ذلك المروق.

تلخيصاً للحالة التي صارت فيها قطر بسبب تخبط النظام الحاكم فيها قال وزير الخارجية الشيخ خالد بن أحمد بن محمد آل خليفة إن «برنامج «ما خفي أعظم» والذي بثته قناة الجزيرة مساء الأحد، وما حمله من أكاذيب واضحة ومغالطات فجة، ما هو إلا حلقة جديدة من سلسلة تآمر من دولة مارقة ضد مملكة البحرين وضد أمن واستقرار المنطقة بأسرها»، فالبرنامج كما قال الوزير أيضاً «يؤكد بما لا يدع مجالاً للشك أن هذه الدولة باتت الخطر الأشد على مجلس التعاون لدول الخليج العربية، حيث تسعى بكل دأب على تقويض مسيرته وإثارة الفتنة بين دوله وشق وحدة الصف بين شعوبه»، وأنه لهذا يجب «أن تعمل دول مجلس التعاون على مواجهة تلك الممارسات والأعمال العدائية لهذه الدولة وتصرفاتها غير المسؤولة، واتخاذ كافة الإجراءات الحازمة التي تضمن ردعها، وإلزامها بالتجاوب وبكل شفافية مع المطالب العادلة للدول المقاطعة لها وتنفيذ ما وقعت عليه من اتفاقات»... «ليستمر مجلس التعاون ويحافظ على منجزاته ويحقق المزيد من التنمية والازدهار والتقدم لصالح دوله وشعوبه».

أما ملخص ما تفضل به الوزير فهو أنه حان الوقت كي يعرف النظام القطري حدوده، وحان الوقت كي تتخذ دول مجلس التعاون موقفاً موحداً وحازماً من هذ الذي يفعله هذا النظام باسم قطر، حيث استمرار السكوت والاستمرار في المجاملة وانتظار عودة الوعي والرشد لأرباب هذا النظام يعني الدفع نحو وضع نقطة النهاية لهذا النموذج وهذه المسيرة التي وفرت المثال على إمكانية التعاون والتكامل بين مجموعة من الدول تتقاسم المكان.

اتخاذ النظام القطري قرارا بالسير في هذا النهج الذي عبر عنه من خلال ذلك البرنامج يعني أنه اختار المروق وأنه صار مارقا، ولم يبقى أمام مجلس التعاون سوى إعطائه فرصة الاستتابة قبل طرده من هذه المنظومة واعتباره في حكم المرتد. ليس هذا هو مطلب مملكة البحرين وحدها، فالمملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة يطالبان بالأمر نفسه، والغالب أن دولة الكويت وسلطنة عمان لن تتأخرا عن المطالبة بهذا أيضا، فالدولة المارقة لا صديق لها ولن تتردد عن الإساءة إلى هاتين الدولتين أيضا.

قطر ستبقى تحت هذا الوصف حتى يتمكن الشعب القطري من الإطاحة بالنظام الحاكم فيها، ولو اتفقت دول مجلس التعاون على طردها من هذه المنظومة فإنها ستظل خارجها حتى يتحقق للشعب القطري ما يريد. والأكيد أن المجلس لن يتأخر عن مساعدة الشعب القطري على العودة بقطر إلى حيث ينبغي أن تكون.