التعايش الديني في مملكة البحرين والترابط بين كافة شرائح المجتمع باختلاف عقائده ومذاهبه ليست مجرد فكرة أو صورة تعلق في المناسبات أو محاولة لتغيير أو غرس صورة ذهنية عن معنى التعايش الحقيقي الذي يتمتع به المجتمع البحريني، فهذا التعايش الجميل سطره التاريخ البحريني منذ أزمنة بعيدة يقف عند مدلول واحد وهو رقي الفكر الذي يتمتع به المواطن البحريني بتباين ثقافته، وكأنه قد وضع منذ القدم استراتيجية خاصة لحقوق الإنسان في الممارسات الدينية تعايش مع فكرة أن الاختلاف في العرق والعقيدة والمذهب والشكل لا يعني الاختلاف في الإنسانية او التمييز في الحقوق، فالإنسان خلق حراً، وعلى الجميع احترام هذه الحرية التي يجب ألا تنتقص من أهم جزئية ألا وهي العقائد والمذاهب الأخرى.

ما يتمتع به المجتمع البحريني من تعايش يشهد عليه الكثيرون، وشهر محرم نموذج راقٍ وعصري لهذا التعايش من خلال الحرية التي تنعم بها الطائفة الشيعية الكريمة في العبادات في موسم عاشوراء كحق من حقوقهم الدينية، ولا شك في أن العهد الإصلاحي لحضرة صاحب الجلالة عاهل البلاد المفدى حفظه الله ورعاه قد كرس توجيهاته نحو التسامح بين الأديان وأعطى الجميع مساحة كبيرة لهذا الحق ليس في شهر محرم فقط وإنما في جميع الأوقات.

* كلمة من القلب:

تدول بعض المغردين هذه الكلمات مع بداية شهر محرم «الحسين هو حسين كل المسلمين فإن لم تحزن على ما أصابه فلا ترقص على جراحه فهو حفيد الرسول» هذه العبارة تم تداولها أيضاً العام السابق، لا أعلم من صاحب هذه العبارة إلا أنني كما أرى فيها رسالة غير نبيلة لنشر الشكوك وتهييج الطائفية، ذلك أن كل مسلم باختلاف مذهبه يعلم تماماً من هو الحسين رضي الله عنه ولا أحد يجرؤ على ذكره بسوء أو يرقص على جراحه لأننا جميعاً معشر المسلمين من شيعة الرسول صلى الله عليه وسلم وأهل بيته، فملحمة الحسين رضى الله عنه فيها من العبر الكثير والدروس التي تستقيم بها حياة المسلمين، فالحزن الذي يخيم على قلوب المسلمين عند تذكر وفاة سبطي رسول الله صلى الله عليه وسلم الحسن والحسين ريحانتي المصطفى والغدر الذي طال الحسين رضي الله عنه في ملحمة كربلاء تدعو للحزن والتأثر على ما ألم بأهل البيت، فحزن المسلم لوفاة سبط الرسول لا يختلف عن حزنهم على وفاة شفيع الأمة صلى الله عليه وسلم، فمن يحاول أن ينبش للتفرقة ولشق الصف بالتأكيد أهدافه واضحة، وقد رويت أحاديث كثيرة عن حب رسول الله للحسن والحسين، رضي الله عنهما، ما يجعل المسلمين يحبونهم كحبهم لرسول الله، منها «هما ريحانتاي من الدنيا» و«الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة»، و«هذان ابناي فمن أحبهما فقد أحبني»، فهذه الأحاديث تدل على أن ما من مسلم يقتدي برسول الله ويحبه إلا وأحب من يحب، وأهل بيته أحق بهذا الحب، رضي الله عنهم جميعاً وألحقنا بهم في الفردوس الأعلى.