أحمد عطا

اليوم نبدأ مع موسم جديد من المتعة الأوروبية ودوري أبطال أوروبا.. صحيح أن البطولة بدأت في الصيف عندما كنت تجلس على الشاطئ لتحصل على حمام شمس لذيذ إلا أن الشكل الرسمي الذي تعترف به الأغلبية هو الذي يبدأ مع بداية دور المجموعات ومشاركة الفرق الكبرى.

الفرق الكبرى تلك لم تتفق على رسم تكتيكي معين ليلعب به الجميع.. هذا أمر مفهوم فالمثل المصري يقول «صوابعك مش زي بعضهم» وعقول المدربين ليست مثل بعضها كما أن أدوات المدربين من لاعبين ليست مثل بعضها رغم أنه في الوقت الحالي من هذا العصر الكروي لا يوجد إلا القليل من من المدربين الذين لديهم استعداد رسمهم التكتيكي لتطويع اللاعبين بل يلجؤون إلى تطويع اللاعبين على ما اعتادوا اللعب به خلال مسيرتهم التدريبية وإن لم ينجح الأمر يستقدمون من هو قادر على ذلك.



عصر الـ4/3/3

لكن يمكن القول أن هذا هو عصر الـ4/3/3.. بنظرة سريعة ستجد عديد الأندية الكبرى تلعب بهذه الطريقة.. لن أحدثك عن برشلونة وأياكس اللذين يعتبرانها دستوراً لا يمكن المساس به ولا بمانشستر سيتي الذي يتبع مدربه نفس الفلسفة بل إننا قلما ما نشاهد فرقًا كريال مدريد ويوفنتوس وليفربول ونابولي وباريس سان جيرمان تلعب بغيرها.

4/3/3 هي خطة تكفل لك شيء من كل شيء تقريبًا.. وجود 3 لاعبين في منتصف الملعب يمنحك فرصة الاستحواذ والخروج بالكرة بشكل جيد كما أن الجناحين يتمتعان بحرية أكبر مقارنة بما هو عليه الأمر في طريقتي 4/2/3/1 و4/4/2 لكن إن لم يتمتع ثنائي الوسط أمام لاعب الارتكاز بخصال دفاعية جيدة فإن أطرافك على الأرجح ستعاني.

استخدام الطريقة به الكثير من الاختلافات بين هذه الفرق، فلا يمكن تشبيه طريقة لعب ليفربول بطريقة لعب برشلونة رغم استخدامهما لنفس الرسم التكتيكي لكن هناك خطوط عامة تتشابه مثل أن الأجنحة كثيراً ما تتواجد داخل منطقة الجزاء كمُتلقي للكرات وليس كمُرسل لها أو أن مهاجم الفريق يستحسن أن يكون مهاجماً متحركاً يستطيع العودة للخلف لتعويض عدم وجود لاعب قريب منه من وسط الملعب.

4/2/3/1 وسر الرقم 10

وإن كانت الحرية في 4/3/3 هي ميزة كبيرة للجناحين فإن الـ4/2/3/1 تمنح حرية كبيرة لصانع ألعاب صريح (رقم 10) وإن امتلكت أحدهم بكفاءة كبيرة فإن قدرتك على إيذاء الخصم تصبح كبيرة، كما أن خطة جيدة على مستوى الأطراف لقدرة الجناح والظهير على التواجد بالقرب من بعضهما البعض وفتح جبهة قوية.

لكن تراجع أعداد صناع الألعاب رقم 10 ربما يكون أحد أسباب انخفاض أعداد الفرق المستخدمة لهذه الطريقة، أو ربما العكس؟ ربما العكس فعلاً فتراجع عدد المدربين المستخدمين لهذه الطريقة أدى لعدم الحاجة لوجود صانع ألعاب رقم 10 ومن ثم علا الغبار الكثيرين –كما هو الحال مع أوزيل مثلًا- أو تحولوا لاستخدامات أخرى في الملعب كما هو الحال مع دافيد سيلفا الذي كان يلعب في هذا المركز مع فالنسيا.

لكن هناك من هو متمسك باللعب بتلك الخطة وسنراه في تلك النسخة من دوري الأبطال كتشيلسي لامبارد الذي يراهن على اليافع ميسون ماونت في مركز صانع الألعاب رقم 10 مع بعض التعديلات الضرورية بمزيد من الواجبات الدفاعية لماونت.

وإن كان صانع الألعاب رقم 10 في تشيلسي يلعب بواجبات دفاعية بعض الشيء فإنه في بروسيا دورتموند لا يبدو كذلك إطلاقًا حيث يتحول ماركو رويس كثيراً من صانع ألعاب رقم 10 إلى مهاجم ثانٍ لتتحول خطة 4/2/3/1 مع الفريق الألماني إلى 4/2/2/2.

وتظل معضلة الـ4/2/3/1 الرئيسية في إيجاد لاعب آخر بجوار لاعب الارتكاز قادر على تقديم دور دفاعي قوي مع قدرة كذلك على تقديم إضافات هجومية مهمة حتى لا تتم محاصرة صانع الألعاب رقم 10 ومثل هؤلاء اللاعبين ليسوا بتلك الكثرة كذلك.

4/4/2 عادت بشكل جديد

يمكن القول أن دييجو سيميوني هو 4/4/2 بشكلها الجديد.. في السابق كانت تلك الخطة هي الأكثر انتشارًا خاصة بين الفرق الإنجليزية والسبب واضح فالخطة كانت مشهورة بكونها خطة اللعب على الأطراف وتكوين جبهات هناك لإرسال عرضيات مستمرة أملًا في التقاطها من رأسي حربة وليس رأس حربة هذه المرة وأبرز مثال على هذا الأمر فريق أليكس فيرجسون الذهبي في نهايات التسعينات وبداية الألفية.

سيميوني أعاد 4/4/2 إلى الواجهة بأفكار مختلفة كأن يحتل أحد مركزي الجناح لاعب وسط قادر على الدفاع بشكل قوي بدلًا من أن يشغله جناحاً مهارياً على أن يتحرك الفريق للأمام ككتلة واحدة معتمداً على قدرة لاعبي الوسط على التمرير بشكل سليم ثم دخول لاعب الوسط الثالث هذا للعمق لفتح مجال للظهير لإرسال العرضيات مع تأمينه بحائط وسط دفاعي قوي يُفشل المرتدات غالباً، واليوم نحن نشاهد سيميوني يغير بعض الشيء من الطريقة لتصير أقرب إلى 4/4/1/1 لاعتبارات «جواو فيلكسية»!

فالنسيا كذلك كان أحد معاقل 4/4/2 في الموسمين الماضيين وسنشاهده في تلك النسخة الجديدة من دوري الأبطال لكن تطبيق الخفافيش للخطة مختلف إلى حدٍ ما فهناك لاعب ارتكاز واضح بينما هناك صانع ألعاب صريح يقود الفريق كله وهو داني باريخو مع استخدام ذكي جداً لأحد المهاجمين رودريجو مورينو في اللعب بين الخطوط ثم التحول لمجاورة رأس الحربة الآخر داخل منطقة الجزاء.

هل يبزغ فجر «المدافعين الثلاثة» من جديد؟

قبل ثلاثة مواسم جُن جنون إنجلترا بعد أن اكتشف مدربو البريميرليج فجأة أن اللعب بثلاثة مدافعين هو الحل ملقين اللوم على أنفسهم في إضاعة كل هذا الوقت دون اللعب بتلك الخطة التي اندثرت من جديد بسرعة ولم نعد نشاهد الإنجليز يلعبون بها اللهم إلا في بعض الفترات لولفرهامتون.

السر كان يكمن في أنتونيو كونتي، هذا الرجل جلب معه الخطة فاكتسح إنجلترا بها.. صحيح أنه لم يكن أول من لعب بها في ملاعب الإنجليز حيث سبقه ماوريسيو بوتشيتينو في اللعب بها أحيانًا لكن كونتي كان الموضة التي عشقها الإنجليز لفترة وجيزة -حتى أن آرسن فينجر نفسه استخدمها لفترة- قبل أن ينقلب الحال ويعاني المدرب الإيطالي في موسمه الثاني ويرحل عن صفوف أسود لندن.

لكن كونتي سيعود لدوري الأبطال من جديد من خلال بوابة الإنتر الذي يبدو منطلقاً بشكل ممتاز هذا الموسم وسواء لعب النيراتزوري بـ3/5/2 أو 3/4/3 فإننا سنرى ما إذا كان قادرًا على إقناع بعض الرفاق في أوروبا على استخدامها من جديد كما فعل في إنجلترا أم أن تلك الطريقة ستبقى في معقلها فقط في إيطاليا في الوقت الحالي.

على أية حال فإن كونتي قد لا يكون وحيداً في تطبيقه لهذه الخطة فدوري الأبطال هذا الموسم سيشهد على ظهور يوليان نايجلسمان الأول في دور المجموعات وهو أصغر مدرب في تاريخ البطولة بـ32 عاماً.

مدرب لايبزج الألماني يستخدم خطة 3/4/3 في بعض المباريات وقد لعب بها خلال مواجهتي بايرن ميونيخ وآينتراخت فرانكفورت على أرضه باستخدام النمساوي سابيتايزر كجناح أيمن مع تحول تيمو فيرنر كجناح أيسر تاركاً بولسن وحده في مركز رأس الحربة، لكن استخدامه لها ليس مؤكداً فقد خاض مواجهة بروسيا مونشنجلادباخ دون سابيتايزر ومن ثم تحول إلى اللعب برباعي دفاعي ليلعب فيرنر كمهاجم إلى جوار بولسن.

* لأي خطة ستكون الغلبة في هذه النسخة من دوري الأبطال؟