لا تجتمع القوة مع الحكمة إلا والاستقرار ثالثهما، بقوة رجال الأمن وبحنكة جلالة الملك نجحت البحرين بتخطي الصعاب والاحتفاظ بثباتها وقوتها وعزيمتها وهذا ما سيكتبه التاريخ لرجال أمننا البواسل الذين قدموا أرواحهم وبذلوا كل ما في وسعهم لأجل هذا الوطن.

جلالة الملك رجل عسكري بالدرجة الأولى تعلم معنى الانضباط في استخدام القوة فأبى رجال الأمن في البحرين إلا أن يحذوا حذوه.

«فقد عملنا يا سيدي في ظروف أمنية دقيقة، وكنا ننشد تحقيق العدالة دون سواها، وكافحنا أي نهج للطائفية؛ بتعزيز هويتنا الوطنية، وأعلينا مصلحة الوطن وأغليناها على غلاء النفوس، واضعين نصب أعيننا تحقيق الاستقرار والطمأنينة والمحبة والإخاء بين الناس؛ يدفعنا إلى ذلك ولاؤنا الدائم لجلالتكم، وإيماننا الراسخ بحماية هذه الأرض الطيبة ومن يقيم عليها» راشد بن عبدالله وزير الداخلية، مئوية شرطة البحرين.

لم يأت هذا التناغم وهذا التوحد في الرؤى الوطنية بين جلالة الملك ورجال الأمن بين القوة والحكمة لولا أنهم تشربوها منه وتم غرسها في تأهيلهم وتدريبهم وهذا يحتاج إلى صبر وأناة ومؤسسة جذورها ضاربة في عمق هذه الأرض، حتى تؤتي ثمرتها، خاصة وأن هناك من يتربص (الزلة) لهذا البلد

«إنها البحرين العريقة، بحرين التاريخ ، فكم مر في عمرها من رؤى مئوية، تعانق المجد، والفخر والعلياء؛ حافظتْ وأكدتْ على عروبة هذه الأرض»

هكذا أكد الشيخ راشد بن عبدالله على عمق ورسوخ وقدم وأصالة هذا الشعب وهذا الوطن، فالعراقة والأصالة وقدم التاريخ أشياء لا تشترى بل هي بناء حي تم بسواعد أبناء هذه الأرض وبعقولهم وشهادة لعمق جذورهم وامتدادها في تربتها.

فمنذ بدء الحضارات، ومنذ أن تعلم الإنسان تنظيم حياة الجماعات البشرية اكتشف أنه يحتاج «لقوة أمنية» لضبط النظام، وبحاجة للاستقرار ومنع الفوضى من خلال «قوة أمنية»، ثم ارتقى ذلك الإنسان حين تعلم كيف يضبط تلك القوة الأمنية بحد ذاتها من خلال القانون، وفي البحرين مضى على تأسيس الشرطة مائة عام تطور فيها الإنسان وطور قانونها وترسخت دولة المؤسسات لتحكي عراقة هذا الشعب وأصالته.

وجاءت الاحتفالية التي نظمتها وزارة الداخلية في الإستاد الوطني البحريني تليق بمناسبة كهذه والتي كانت عرضاً عالمياً بامتياز نجح فيها رجال الأمن المشاركون في العرض أن يهزوا قلوبنا وهم يهزون الأرض بطوابيرهم المنضبطة بالمليمتر يصرخون قوة .. عزيمة .. حمد، لتخرج لنا لوحات فنية يقشعر لها البدن لدقتها وجمالها وبالعلم بمدى صعوبة تنفيذها على تلك المساحة الكبيرة وبتلك الأعداد الضخمة وبتعدد أدواتها من بشر ومعدات ثابتة ومتحركة إلى جانب الهجن والخيل نجح المنظمون في أن يحكوا لنا حكاية الشرطة منذ التأسيس مروراً بجميع المراحل التي مرت بها، ونجحوا بملء نفوسنا فخراً واعتزازاً بهذا التأهيل التدريب، والأهم لامست قلوبنا لمسات الوفاء التي امتدت لتكريم وزير الداخلية السابق الشيخ محمد بن خليفة لتثبت تلك اللمسة الوفية أن هذا الشعب أصيل لا ينسى من ساهم في بنائه وكان حرص جلالة الملك على أن يقدم التكريم بنفسه دليلاً على أن الدولة لا تنسى أبناءها وهو شخصياً يتقدمنا جميعاً. ويتبعه رجال الأمن ويحتذون به.

« وفي هذه المناسبة، نقف مهابة وإجلالاً لمصابي الأمن المخلصين، ولشهداء الواجب الأبرار، الذين قدموا أروع التضحيات في مسيرة الوطن، وبذلوا دماءهم سخية من أجل عزة البحرين وحفظ أمنها واستقرارها، لتبقى ذكراهم العطرة مصدر إلهام وفخرٍ وعزيمة»

و لم تنسَ الكلمة أسر وعوائل منتسبي الأمن من شكرهم، فلمسات الوفاء هذه تبقى خالدة في ذاكرة الشعوب.

لقد عمل رجال الأمن على تثبيت الأمن وتحقيق العدالة ومسح الجراح في ذات الوقت، ميزان عالي الدقة يحتاج إلى جانب الحزم والعزم البصيرة وسعة الصدر معاً.

لذلك حين خاطب الوزير جلالة الملك قائلاً: «يوم أخذتم جلالتكم بأيدي الجميع ليتحدوا في سبيل رفعة البحرين وأهلها، فأنتم يا سيدي قائدٌ وهبكم الله حنكة القيادة؛ فقد أحلتم الفوضى أمناً، وأبدلتم العبث طمأنينة وسلاماً، وناديتم الوطن والشعب إلى كلمة سواء صفحاً وتسامحاً، وأعليتم البحرين رفعة ونهضة وشأناً؛ وهي مساعٍ لا تُؤتى إلا بالإيمان، والإرادة، وحكمة البصيرة».

لذلك كان الملك وولاء هذا الشعب سراً يقف وراء نجاح رجال الأمن كما قال وزير الداخلية «إن أي نجاح أمني حققناه، هو لأننا ولله الحمد نؤدي مهمتنا الأمنية في ظل حكم ملك عادل، وشعب مخلص».