ما تمر به مملكة البحرين من أزمة صحية عالمية، يستوجب الوطنية والوقوف بروح واحدة من أجل أن ينعم المجتمع بالاستقرار حتى نصل في آخر المطاف إلى بر الأمان، بأقل الخسائر، وحول الوطنية واستقرار الوطن لي ثلاث وقفات:

* الوقفة الأولى مع السيد زايد الزياني وزير الصناعة والتجارة والسياحة: بالطبع ما يقوم به في هذه الفترة دور وطني من خلال حرصه على توفير المواد الغذائية في الأسواق حيث تصبح في متناول جميع أفراد المجتمع مع الحرص على عدم رفع الأسعار في ظل الكساد الاقتصادي.

مراقبة الأسعار من وزارة الصناعة والتجارة والسياحة وملاحظة ارتفاع أسعار بعضها أدى إلى التشكيك وتكثيف المراقبة حول العوامل التي أدت إلى ذلك برغم تأكيد الوزير الزياني بأن جميع المواد الغذائية متوفرة في الأسواق لستة شهور قادمة، وهذا التصريح بعث رسائل مطمئنة للجميع لا تدعو للقلق أو الهلع لشراء مواد غذائية زائدة عن الحاجة بقصد تكديسها، ما حدث لبعض التجار جشع واضح يهدف إلى استغلال الوضع عندما قام بعضٌ بحجب المنتجات الغذائية عن الأسواق بهدف رفع أسعارها بعد حين، وزارة الصناعة والتجارة والسياحة مشكورة كشفت عن أربعة مستودعات تعمدت تخزين المواد الغذائية بهدف رفع أسعارها كضربة جشعة ممن لا وطنية لهم في هذه الظروف، التفتيش والمراقبة ومحاسبة من يخالف وفق الإجراءات القانونية كفيلة بأن يبقى المجتمع مستقراً وآمناً وهذه وقفة وطنية ونبارك هذه الجهود.

* الوقفة الثانية مع سعادة النائب العام الدكتور علي بن فضل البوعينين: ملف الأمن الغذائي من الملفات المهمة بل في غاية الأهمية لاستقرار المجتمع، لمجرد أن يستشعر الفرد بنقص المواد الغذائية أو التفكير بالجوع في ظل ندرة الغذاء بالتأكيد سيترتب عليه هلع وخوف قد لا يمكن بعدها السيطرة على مجتمع يبتغي الأمان، ولو ترك هذا الأمر للتاجر الجشع لساد الغلاء ولأصبح المجتمع أكثر عرضه للقلق في ظل الظروف الراهنة ولكن الحسم في ذلك مطلب في غاية الأهمية حتى يدرك من تسول له نفسه الجشع أن هناك إجراء قانونياً قد يكلفه الكثير، وهذا ما قام به سعادة النائب العام مشكوراً بعدما تلقت النيابة العامة بلاغاً من وزارة الصناعة والتجارة والسياحة عن تكديس مواد غذائية في مستودعات بهدف رفع أسعارها، وبعد التأكد من صحة البلاغ وبإجراء قانوني أمر النائب العام ببيع المواد الغذائية المضبوطة وطرحها في الأسواق حيث انخفضت أسعار الخضروات والفواكه بعد ذلك بنسبة 30 % وهي رسالة واضحة وسريعة للحسم والتصدي لهذه «الآفات» ولكل من يحاول أن يتلاعب بالأمن الغذائي، فالوطنية تعرف في هذه الأوقات عندما يقوم كل بدوره بدون كلل إيماناً بالمحافظة على استقرار الوطن والمحاولة الجادة في تحمل المسؤولية للتخفيف عن أعباء الدولة في ظل هذه الظروف الصعبة، أعان الله الجميع على فعل الخير بحس وإخلاص وطني.

* الوقفة الثالثة مع الوطنيين الحقيقيين في وقت الأزمات: الوطنية ليست كلمة «أنا أحب البحرين» وإنما الفعل أهم من القول، فالوطنية في هذا الظرف الاستثنائي هو الجلوس في البيت حتى تتعافى البحرين من هذا الوباء، الوطنيون الحقيقيون هم من يؤدون دورهم بإخلاص، فالطبيب يقوم بدوره، ورجل الأمن يقوم بدوره، والقاضي يقوم بدوره، وعلينا نحن أيضاً دور لا يقل أهمية من الأدوار السابقة، دور البقاء في المنزل، الوطني الحقيقي من يلزم بيته ويبتعد عن نشر الشائعات ويلتزم ويحترم كل القرارات الصادرة من الدولة. فالبحرين تقيس تعاطيها مع الأزمة من خلال ما نقوم نحن به بعيداً عن الفوضى التي قد نتسبب فيها عند خروجنا من المنزل بهدف التسلية والترفيه، بالتأكيد الجالسون في بيوتهم وطنيون حتى النخاع، ويعرفون عند الأزمات.