لا تكمن الخطورة في الموجة الثانية من الربيع العربي، فالوعي بها ومراقبة تحركاتها سهلة، إذاً أين تكمن الخطورة؟

كله مرصود .. فأيتام إيران وفلول القومجية والأخوان يعيدون تنظيم صفوفهم في بريطانيا الآن تحت سمع وبصر الاستخبارات البريطانية وبرعاية قطرية تمويلاً وتنسيقاً ودعماً لوجستياً وإعلامياً، وما يجري التنسيق له للعمل المشترك لما يسمى (بالمعارضة) البحرينية والسعودية واضح للعيان، وقد تم تدشين مركز يزعم أنه للدراسات والبحوث في العاصمة البريطانية أطلقوا عليه مسمى «رصد» بتمويل قطري يديره علي الأسود عضو الجمعية المنحلة «الوفاق» سابقاً.

ومن الملاحظ أن قناة الجزيرة تعمل في الآونة الأخيرة على دعم التنسيق بين فلول الوفاق وفلول المعارضة السعودية لتكون نقطة التقاء بين الطرفين، لذلك من المتوقع أن نرى الخط المفتوح مع مركز «رصد» في القناة قريباً لأنها ستستخدم الأسود للترويج للمركز كي يكون مصدراً (موثوقاً) للمعلومات على أساس علمي رصين كما ستروج له القناتان، إذ بالتأكيد سيكون التعاون مع قناة إلبي بي سي كما جرت العادة.

من جهة أخرى رأينا سوياً البوردكاست الذي انتجته قناة الجزيرة وتمجد فيه الإرهابي المجرم قاسم سليماني وتجعل منه رمزاً إسلامياً باع الدنيا واشترى الآخرة وهو المجرم القاتل الذي تلطخت أياديه بدماء المسلمين والذي أرسل للآخرة الآلاف من العراقيين والسوريين قتلاً وشرد مثلهم ونكل بمثلهم عدداً.

هذا النشاط القطري المحموم الآن يوجه لتمويل ودعم الموجة الثانية من إعدادات الربيع العربي دعماً مادياً ولوجستياً وإعلامياً وجمعاً للفلول في العواصم الأوروبية.

صحيح أن كل هؤلاء يعملون وهم مكشوفون وتحت العين ونحن لهم بالمرصاد ولن نؤخذ على حين غرة، كما في المرة السابقة، نعرف ذلك، والثقة بالنفس من بعد الله سبحانه وتعالى موجودة ولله الحمد، ولكن الحذر من العدو واجب، ورصد حراكه واجب، ومتابعة نشاطه وتحركاته واجب، فكل هذا الحراك له بالتأكيد خيوط ممدودة في الداخل في البحرين والسعودية والتناغم المعمول به في العاصمة البريطانية بين الفريقين البحريني والسعودي له انعكاساته بالتأكيد على تناغم لخلايا نائمة محلية بحرينية سعودية تحتاج إلى الرصد التام والمتابعة.

لكن الأهم والأخطر وهو السؤال الذي وجهناه في بداية المقال هو، هل مازال لأيتام إيران تأثير في الداخل على الجموع؟ هل مازال لهم نشاط محلي؟ وهل ما زال لهم تأثير معنوي ومصداقية على الأوساط المحلية البحرينية والحال كذلك بالنسبة للسعودية؟ هل مازال هناك من يصدق أن الخير في التعاون مع وكلاء إيران ونبذ الأوطان والتآمر عليها وعلى المملكة العربية السعودية؟

إذ ممكن أن ترصد الأجهزة الاستخباراتية تلك الخلايا النائمة، وتئد نشاطها قبل أن يولد وتظل تلك الخلايا قائمة على أفراد ومجموعات صغيرة جداً غرر بها ومن السهل جداً تعقبهم والقبض عليهم، إنما الخطير أن يظل لهذا الفكر قبول ولهذا الفكر حاضنة ولهذا الفكر قدرة على الانتشار، هنا يعني أننا كدولة لم نعالج المشكلة من جذورها وأن العشرة أعوام التي مرت ارتهنا فيها على عامل الوقت وعلى معالجة الأعراض فحسب لا معالجة الداء من جذوره.

سهولة سلخ الانتماء واقتلاع الجذور مازال داء لم نجد له علاجاً لذلك يسهل على دولة كإيران أو كتركيا أن تجد لها موقعاً وأن تعزز لها خلايا وأن تفرخ لها تنظيمات، وأن يجد نظام كالنظام القطري ثغرة لإيقاع الضرر بنا من خلالها، فإلى متى؟.

أتدرون ما هو أخطر ما في الموضوع؟ أن تفقد الدولة الأمل في تقوية جذور الانتماء للجماعات التي ترى في إيران حلماً، لا لعجز منها إنما لعدم تعاون الجماعات معها، وهنا ستكتفي بالمعالجة الأمنية فحسب، هذا هو أخطر ما في الموضوع على الجماعات لا على الدولة فحسب.