بعيداً عن التفسيرات السالبة التي يستقبل بها البعض تصريحات بعض النواب الداعية إلى بحرنة الوظائف والقول إنها تهدف إلى الترويج لأنفسهم ومحاولة إقناع من انتخبهم بأنهم يريدون فعل شيء للمواطن ولكن الظروف أكبر منهم وأن اللوم يجب أن يقع على الحكومة وحدها. وبعيداً عن التشكيك في النوايا لا مفر من القول بأن مثل هذه الدعوات مطلوبة في هذه الآونة بشكل خاص، حيث تبين بوضوح بأنه «ما حك جلدك غير ظفرك».

الأولوية في التوظيف يجب أن تكون للمواطنين، هذا أمر غير قابل للنقاش ولا يمكن للمواطنين، نواباً وغير نواب أن يقبلوا بعكسه، ولم تعد مبررات حصول الأجنبي على بعض الوظائف مقبولة، ففي قائمة الانتظار الكثير من المواطنين المؤهلين لشغل جل إن لم يكن كل الوظائف التي يشغلها الأجانب حالياً.

البحرين ليست دولة جديدة لتستعين بالأجانب حتى تكبر وتتمكن، فأبناؤها يمتلكون اليوم الكثير من القدرات والمؤهلات والخبرات التي تعينهم على تقديم أضعاف ما يقدمه الأجنبي الذي لم يعد أحد يختلف على أنه يأخذ منها أكثرمما يعطيها. لهذا وغيره صار مهماً التفاعل مع دعوات بعض النواب لبحرنة الوظائف ودعم هذا التوجه، ولا بأس لو استفاد أولئك النواب من هذا الأمر مستقبلاً، ولا بأس لو اعتبر ذلك بمثابة مكافأة لهم، فما يدعون إليه وما يحاولون إقناع الحكومة به والضغط عليها لتحقيق ذلك المطلب يستحق الشكر والتقدير من شعب البحرين كافة.

على أنه ينبغي الانتباه لأمر مهم وهو أن النواب وكل الداعين إلى بحرنة الوظائف يقصدون شغل الوظائف النظيفة وليست تلك التي كان ولا يزال يشغلها العمال الأجانب والتي هي – حسب منظور التطور المجتمعي – لم تعد تناسب البحريني ولم يعد البحريني يقبل بشغلها. عدا أن شغلها من قبل المواطنين سيؤدي دونما شك إلى تأثر الكثير من القطاعات وارتفاع الأسعار، فما يقبله العامل الأجنبي لا يمكن للمواطن البحريني أن يقبله.