الاتفاقية الأمنية الإيرانية السورية التي وقعت الأسبوع الماضي دليل جديد على أن وكلاء إيران في المنطقة ليسوا بقادرين وحدهم كقوات على الأرض لحماية النفوذ والمصالح الإيرانية، ولذلك لن تكتفي إيران باللواء 56 على الأراضي السورية ولن يكتفي الحرس الثوري الإيراني بالدور المناط به، فقد عجز النظام وحزب الله والمرتزقة الأفغان عن صد الضربات التي تلقتها إيران من الطيران الإسرائيلي والخسائر التي تتكبدها من المضايقات الروسية، لذلك إيران مضطرة الآن للتواجد بشكل مكثف على الأرض بقواتها الإيرانية، ليتحول الصراع من حرب الوكالة التي كانت تنوب فيها المليشيات الممولة من إيران بالدفاع عن المصالح الإيرانية إلى حرب مباشرة بين الشعب السوري الرافض للاحتلال الإيراني والإيرانيين.

هذا التصعيد الإيراني سيواجه كذلك من الجانب الروسي والإسرائيلي والتركي أيضاً فالتهافت على الكعكة السورية يزداد ضراوة.

على الجانب التركي عجزت مليشيات حكومة الوفاق الليبية عن الدفاع عن القواعد التركية، وعجزالحشد الشعبي عن حماية القوات التركية في العراق، وعجز النظام السوري عن منع الأكراد من التعدي على الوجود التركي على الحدود الشمالية مما دفع أردوغان إلى إرسال المزيد من القوات على الجبهات الثلاث العراقية والسورية والليبية.

فشل وكلاء إيران وتركيا وإنهاكهما من قبل الشعوب العربية الرافضة للعمالة سيدفع الدولتين إلى إرسال المزيد من القوات على الأراضي العربية لتنتهي بذلك حقبة حروب الوكالة وتبدأ مرحلة الحروب المباشرة بين الأتراك والعرب من جهة، والإيرانيين والعرب من جهة أخرى.

هذا ما يراد لمنطقتنا أن تخوضه، «حروب استنزافية» تنهك بها جيوشنا، وما لم ينجحوا بتنفيذه في ربيعهم الأول وربما ينجحون بتنفيذه في جولاتهم الثانية، إنما ليكن في علم الجميع بأنه لولا خيانات الإخوان عملاء تركيا ولولا خيانة أحزاب الولاية للفقيه عملاء إيران لما تمكنت أي من الدولتين أن تطأ بأقدامها أرضاً عربية، في الوقت الذي لا تنظر أي من إيران أو تركيا إلا إلى الموارد الطبيعية في الأراضي العربية من احتياط للنفط والغاز ومعادن ومواقع استراتيجية تفتح لها طرق التصدير، ويصدق العملاء أنهما يبحثان عن خلافة إسلامية!

ورغم أن إيران وتركيا منهكتان من الداخل وشعوبهما ملت مغامرات نظاميهما المجنونة، والنظامان في صراع مع الوقت وبانتظار قدوم الديمقراطيين والأحزاب اليسارية الأوروبية لدعمهما من أجل (تحرير) الشعوب العربية ومساعدتهما في جولة جديدة من جولات الخريف العربي، إلا أن الاثنين تريان في الثروات العربية كنزاً ضائعاً لا راعيَ له.

قدرنا أن نواجه المرحلة القادمة معتمدين على الله ثم على أنفسنا، بلا حلفاء مضمونين فلا رهان على روسيا سينفعنا ولا رهان على الصين ينفعنا ولا حتى انتظار لفوز ترامب من جديد.

الجيوش العربية والشعوب العربية والأنظمة الحالية هي المسؤولة الوحيدة عن الدفاع عن أمنها وسيادتها وكرامتها، وعدم الخضوع أو الإصغاء لأي ضغط من أي من أدواتهم التي قيدونا بها مما يسمى بالقوى الناعمة، فلا مقال يهزنا كما السابق ولا تغريدة ولا حتى تصريح من أي حكومة أجنبية، نحن الآن في مواجهات مع فلول الوكلاء في الخليج، ومواجهة مباشرة مع تركيا وإيران في اليمن وسوريا والعراق ولبنان وليبيا.