ما يظهر في شخصية أردوغان هو حلمه العظيم بعودة الدولة العثمانية، وفي سبيل تلك العودة لا بد من القيام ببعض الإجراءات التي من شأنها أن تحقق ذاك الحلم، فمنها ما هو داخلي ومنها ما هو خارجي، ففي الداخل بدأ كعادة أحزاب الإخوان في إبعاد الخصوم وتعيين أعضائهم ومن على شاكلتهم، واتباع سياسة الخطب الرنانة التي تداعب المشاعر والعواطف وتعمل على تغييب العقول والبعد عن الواقع.

في سوريا توغل أردوغان وكان هو الرابح من استمرار الدمار والخراب هناك، حيث نشطت التجارة التركية بعد توقفها في دمشق، وكل ما تهدأ الأمور في تلك الجبهة يسارع إلى إشعال فتيلها كي يستمر في جني المكاسب.

وعلى الجانب الأوروبي قام بالمتاجرة بقضية اللاجئين، فكلما لوحت أوروبا بالعقوبات لعب أردوغان بورقة اللاجئين وساقهم إلى الحدود ليلقوا مصيرهم المحتوم دون أدنى رحمة أو حتى خجل.

إن المكاسب المادية التي حققها على جثث الضحايا والأبرياء دعته لمواصلة العنجهية والغرور ليعبر الحدود إلى ليبيا، فمذاق الدماء راق لهذا القائد الذي يبدو أنه بدأ بكتابة الصفحة الأخيرة في كتاب مغامراته التي ستنتهي كما انتهت الدولة العثمانية.

الغرور وحلم عرش السلطان دعوَاه كذلك لتحويل آيا صوفيا من متحف تراثي إلى مسجد لا يبعد عن الجامع القريب له سوى أمتار قليلة، ولو كان الهدف هو ذكر اسم الله لكنا جميعاً معه في هذا القرار، ولكنه بعيد عن ذلك، بل إنه استغلال فاضح للدين لمداعبة مشاعر المسلمين في الداخل والخارج، ولعبة سياسية من ألعاب الإخوان التي باتت مكشوفة للجميع.

يأتي أردوغان بعد ذلك كله ليتهم الإمارات بتهم هو أولى بها، وبجرائم هو من يفتعلها ويخطط لها، يتهم أردوغان الإمارات طمعاً في أموال الدوحة ومراضاة للعصبة الحاكمة هناك، يتهم ليواصل حلب الحكومة القطرية لتمويل المشروع الأكبر وهو عودة الدولة العثمانية وعرش السلطان الذي يمر عبر جثث ودماء الأبرياء في سوريا وليبيا وكردستان.

عفواً أردوغان، فأنت لست إلا بطلاً على حزبك الذي بات محارباً في كل الدول، والورق الذي بيدك هو ورق خاسر، والعرش الذي تحلم به سينهار حتى قبل أن يكتمل، فقصص السلاطين ليست سوى حبر على ورق لذا فأنت سلطان من ورق وحلمك ليس سوى كابوس طويل لن تفيق منه.