إنها بيروت. بيروت عروس الشرق، بيروت الأم الحاضنة للجميع، منارة الثقافة، عاصمة الفنون، ملتقى الحضارات، بيروت طائر الفينيق الذي لا يكسر ولا يهزم ولا يحترق جناحاه، انكسر وهزم واحترق وأبيد.

طائر الفينيق اليوم لن يستطيع نفض جناحيه من الرماد والنهوض من تحت ركام الفساد والإهمال والنذالة والعمالة.

الانفجار الذي هز لبنان بأكمله البارحة والذي وصفه محافظ بيروت بانفجار هيروشيما وبكى أمام الصحافة، والذي وصل دويه إلى قبرص، ليس هو فقط الذي دثر بيروت وخنق أنفاسها ومزق أحشاء أهلها وحرق قلوب محبيها وشرد ناسها. إن بيروت تستغيث منذ زمن يا سادة! طائر الفينيق لم يتوقف عن الخفق بجناحيه محاولاً الصمود ولكنه كان يئن طالباً النجدة. النجدة ولكن مِن مَن؟ من مغتصبيه ومصاصي دمائه. مِن مَن يحملون جواز سفرٍ لبنانياً لكنهم عملاء. مِن مَن أعماهم الجشع وعششت في عقولهم النتانة والفساد.

اعتقدنا البارحة أن العدو قد استهدفنا، نعم فنحن بارعون في تحميل هذا العدو أي مسؤولية، وإلقاء التهم عليه جزافاً، فإن «جسمه لبيس»، لكن الأعداء الحقيقيين لهذا البلد هم حكامه، هم من شربوا دماءه منذ تعلموا المشي! هم ملوك الظلام وخفافيش الموت. هم من جعلوا من طائر الفينيق ببغاء تنطق بما لا تفكر، بل بما يفكر ويقرر أبطال اللعبة القذرة. جعلوه مثلهم، دمية.

انقذوا بيروت، انقذوا لبنان، انقذونا! يا عرب، يا كون، إنها بيروت نبع الجمال والفن والثقافة، إنها حاضنتكم وحبيبتكم. إنها اللؤلؤة التي لطالما أرادها الجميع ورنوا إليها، إنها مضرب المثل. لقد فاض بنا الحال من إهمال وفساد حكامنا، أنقذونا وأنقذوا بيروت منهم! كفاهم، كفاهم فساداً وجشعاً وطمعاً ولعباً بهذا البلد وأهله. أوقفوهم، فالشعب لا حول له ولا قوة! أجاعوه وأفقروه وسلبوا إرادته.

أنقذوا بيروت، أنقذوا لبنان وشعبه من حكامه العجزة وعباءاتهم السوداء التي تلفه منذ دهور. إن في هذا الوطن الحبيب ثواباً.