د. شمسان بن عبدالله المناعي


لا أحد ينكر أن الدولة بذلت جهوداً لدعم التعليم وتوفير كثير من الإمكانيات في ظل الجائحة العالمية إلا أن ما يفرض علينا من نظام تعليمي جديد يتم في المنزل قد نكون غير مستعدين له يختلف عن نظام تعليمي قائم في المدرسة ولا يخفى علينا أن الضرورة فرضت علينا ذلك بسبب وباء فيروس كورونا (كوفيد19) وهناك تحديات يجب مواجهتها وهي أن نظام التعلم يحتاج إلى خبرة عند أطراف العملية التعليمية بما فيهم أولياء الأمور.

الأسرة يعد دورها محورياً في التعليم عن بعد، ولا يكفي أن يترك للأسرة خوض غمار التجربة بمفردها فهي بحاجة إلى حملة إعلامية واسعة ومكثفة تبين أدق التفاصيل لدور الأسرة كشريك أساسي لأول مرة في العملية التعليمية خاصة المرحلة الابتدائية وذلك بسبب الأطفال لم يصلوا بعد إلى النضج الجسمي والعقلي الذي يؤهلهم للتعامل مع هذا النوع من التعلم في ظل غياب كثير من أولياء الأمور عن المنزل أثناء عملهم وخاصة إذا كانوا يشتغلون بالتعليم.

إن الأطفال لا يحتاجون فقط إلى من يمدهم بالمعلومات إنما هم في المدرسة يبنون علاقات قوية مع معلميهم وزملائهم وهي من ضمن الأمور الأساسية التي تتيح لهم بناء شخصيتهم وتكييف سلوكياتهم ففي مواجهة هذا التغير غير المتوقع من المهم الحفاظ على الاتصال مع الأصدقاء أو العائلة أو المعلمين المقربين فكيف يمكن مواجهة الحجر المنزلي والقلق من وباء كورونا (كوفيد19) مع أطفالنا الذين يحتاجون إلى إشباع حاجاتهم النفسية والتواصل مع الأصدقاء وتقدير الذات لاكتمال جوانب النمو لديهم.


الأسرة الآن بين المطرقة والسندان فالخيارات مفتوحة فإما أطفالهم يتعلمون في المدرسة أمام مخاوف القلق من الوباء وإما في المنزل مع جهاز اللاب توب دون حسيب ولا رقيب ولا موجه فالآباء مشغولون بأعمالهم والبعض لا يملك حتى جهاز اللاب توب كي يتعلم عن بعد.

ويا ترى كم طالب في كل أسرة؟ وهل يتوفر لكل طالب جهاز اللاب توب؟ بين ليلة وضحاها أصبح العبء الأكبر على الأسرة وبمعنى أدق الوالدين فهل هم على استعداد لأداء أدوارهم بما يتطلب النجاح في ذلك مؤامة بين متطلبات المهنة التي هي مصدر رزقهم ورعاية ومتابعة أبنائهم في هذا النمط من التعليم عن بعد وخاصة أن البعض منهم لا يملك الخبرة الكافية للقيام بالمهمة التي أسندت لهم.

ومع احترامنا وتقديرنا لكل البدائل التي طرحت إلا أن هناك من التعلم الذي يجمع بين التعلم المدرسي داخل الفصل وبين التعلم عن بعد بحيث تخصص ثلاثة أيام في الأسبوع يلزم فيها الطالب بالحضور إلى المدرسة والجميع دون استثناء ويومين آخرين يتعلمون فيها عن بعد مع أخذ الإجراءات الاحترازية في الأيام التي ينتظم فيها الطلبة بالمدرسة وهذا النوع من التعليم يسمى بالتعليم المدمج.

مسيرة التعليم لابد أن تتعرض بين الحين والحين لبعض العقبات إلا أن ذلك لا يوقف العجلة فهي دائماً تتحرك بتضافر الجهود وتذليل الصعاب بتكاتف الجميع من أجل تحقيق أهداف رؤية مملكة البحرين 2030 م.