أثبت الجهاز الحكومي قدرة فائقة على التعامل مع الأزمات، وخير مثال نعيشه هو تعامل القطاع الحكومي مع جائحة كورونا (كوفيد 19)، ومع تصدي فريق البحرين الوطني بقيادة سمو ولي العهد للجائحة، وتعليمات العمل من المنزل، وتقليل الوجود في مقارّ العمل للحد من انتشار الفيروس.

ومع قدرة معظم الأجهزة الحكومية على التكيف مع قرار العمل عن بعد، والمحاولة بشتى الطرق لضمان استمرارية العمل وتيسير الخدمات الحكومية للمواطنين بما يحفظ سلامتهم، وتذليل ما كان مستحيلاً من بعض أصحاب القرار سابقاً، وفجأة تم تحويل كثير من المعاملات إلى معاملات إلكترونية وتغيير كبير في منظومة العمل الحكومي للأفضل، وهذا من إيجابيات الجائحة.

هناك قطاعات لم تثبت شيئاً خلال الأزمة، حيث استخدمت حلولاً تقليدية سبق أن أشرنا إليها، كذلك بعض المعاملات الورقية في عدد من الوزارات تم إجبارهم من قبل الحكومة الإلكترونية على توفيرها عن طريق المنصة الحكومية، وهذا ما يحسب للحكومة الإلكترونية التي استغلت الجائحة لإجبار محاربي التغيير والعقليات الورقية على الانتقال للعمل الإلكتروني وأتمتة العمليات وتيسيرها للمواطنين من خلال توفير الخدمات في منصة واحدة سهلة وميسرة لجميع المواطنين مع وجود جهاز اتصال على مدار الساعة وفريق دعم فني.

ساهمت الجائحة في تغيير كبير في طرق العمل والتواصل، إلا أنها لم تستطع تغيير بعض العقول التي مازالت قابعة في مدارس الإدارة القديمة، وهي أهمية الحضور والانصراف على الإنجاز، وتفضيل الموظف الذي لا يأخذ الحضور المرن على ذاك الذي يداوم الساعة الـ8 وغيرها.

فمازال هؤلاء المديرون يمارسون أسلوبهم الإداري العقيم خلال الجائحة، حيث قرأت أحد التعليقات في التواصل الاجتماعي لموظف أجبره مديرهم على العودة للمكتب، وخلال عودتهم خالطهم أحد المراجعين وتم حجرهم جميعاً بسبب مدير كان عذره «أرجعتهم لكي لا ينسوا كيف يسير العمل»، وآخر يكتب مديري أرجعني للمكتب لأنه يخشى أن «أعفس» نظام نومي.

تغيير الأنظمة وطرق سير العمل سهل وممكن مع وجود الأشخاص المبدعين مع قيادات تسمح لهم بالإبداع في مساحات واسعة، ولكن تغيير العقول لمواكبة التقدم والتطور هو الأصعب.