أن تكتب عن صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة وهو بيننا أمر، وأن تكتب عن سموه وهو في الخارج طلباً للعلاج أمر آخر، لكن أن تكتب عنه وقد غادر هذه الدنيا أمر مختلف تماماً. في الحالة الأولى تكتب وأنت على يقين أن سموه سيقرأ ما تكتب فسموه يقرأ كل ما ينشر في الصحف المحلية بما في ذلك رسائل صفحات بريد القراء وهذا ديدنه منذ سنين طويلة، ولهذا يعرف سموه كل ما يحدث في البلاد وكيف حدث ولماذا، مثلما يعرف الأشخاص والعوائل والعلاقات. وفي الحالة الثانية تكتب والأمل يحدوك أن تنتهي الفترة ويعود سموه إلى أرض الوطن سالماً معافى ليواصل مسيرة العطاء، أما في الحالة الثالثة فأنت تكتب وتعلم أنه لن يقرأ ما تكتب ولن يعود إلى الوطن ليواصل عمله وعطاءه، وهذا هو المؤلم حقاً، وخصوصاً بالنسبة إلينا نحن معشر الكتاب والصحفيين الذين كنا نلتقي سموه باستمرار ونسمع منه ويسمع منا ونتلقى في كل مرة توجيهاته السديدة المصحوبة بكمية الحنان التي نقرؤها في عيني سموه.

قبل عشرة أيام وتحديداً يوم الجمعة قبل الماضية نشرت هنا مقالاً عنوانه "بشارة لشعب البحرين" أطمئن من خلاله محبيه بأن سموه على وشك العودة سالماً معافى، كتبت ذلك بعدما تلقيت رسالة من أحد المسؤولين بديوان سموه رداً على سؤالي له عن أحوال سموه، لكن يبدو أن تطورات صحية حصلت بعد ذلك ليأتي قبل اكتمال الأسبوع الخبر الصاعق الذي أبكى الجميع وسيظل مؤثراً في حياتنا طويلاً.

ليس من أحد من شعب البحرين الوفي إلا وتألم بسبب فراق صاحب السمو لنا، والحقيقة التي لا تحتاج إلى دليل أو تأكيد هي أنه لولا الاحتياطات الصحية التي فرضتها الظروف بسبب فيروس كورونا وعدوانيته لخرجت البحرين عن بكرة أبيها لتشارك في تشييع جنازة قائد عظيم سيخلد اسمه التاريخ وسيدون كل أفعاله.. وكلها طيبة.