هذا ديدن البحرين، عندما تفتقد قامة من قاماتها ورجلاً من رجالاتها ترى العالم بأجمعه وبأسره يرثي وينتحب ويتأثر بهذا الفقدان الجلل، بالأمس القريب وكأني أراه قبل أيام وليست أعوام، وعندما كنت مشرفاً على إحدى المطبوعات الرسمية، كنت أستلم التعازي والكتابات التي ترثى فقيد البحرين وأمير المحبة والتواضع المغفور له بإذن الله تعالى صاحب السمو الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة طيب الله ثراه وأسكنه فسيح جناته، كنت أكتب في حزن ودموع ما أقرأه من قصص إنسانية للأمير الراحل وكيف كان لقاء الأفراد من مواطنين ومقيمين بسموه رحمه الله وما اتسمت به تلك اللقاءات من عفوية وتواضع، وكيف كان يقف لأي شخص عندما يراه في الطريق، وكيف كان يحرص على السلام على الجميع، مواطنين ومقيمين، كباراً وصغاراً، ويسأل عن أحوالهم وأحوال أسرهم، ويلبي أي طلب يقدم لسموه طيب الله ثراه.

اليوم ونحن في غمرة مصابنا الجلل، استذكرت تلك القصص الإنسانية التي كانت تُحكى في عهد الأمير الراحل طيب الله ثراه، ورأيتها تتكرر في سيرة صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة طيب الله ثراه وأسكنه فسيح جناته، حيث كنت شاهداً على العديد من المواقف التي رأيتها تقع أمامي، فرأيت كم كان قريباً من المواطنين، وكيف كان يعرف الأهالي أباً عن جد ويسألهم عن أمورهم الشخصية، وعن احتياجاتهم وعن أوضاعهم، وكيف كان رحمه الله يلبي الاحتياجات والالتماسات في ذات الوقت، ولا يؤخر للمواطن طلباً، بل وكان يزور المناطق بنفسه ليقف على أي مشكلة أو ملاحظة لتأتي التوجيهات من قلب الحدث، وهذا ما كان يتكرر لأي ملاحظة حتى وإن كانت صغيرة.

إننا اليوم عندما نفخر بآل خليفة الكرام فإننا نقدم للعالم أجمع دروساً وعبراً عن علاقة المواطن بقيادته، ونبين لهم أسباب ما نحمله من ولاء وحب ورثناه كبحرينيين أباً عن جد وكابراً عن كابر لهذه الأرض المعطاءة ولقيادتها الحكيمة التي لم تضع حاجزاً بينها وبين أبنائها المواطنين، بل كانت ولازالت سباقة في بناء النهضة وتعزيز الرقي والنهوض بالمملكة في كافة الجوانب.

لذلك فإن الوطن عندما يفقد أبناءه فإنه يفقد جبالاً، جبالاً من البناء والعطاء، جبالاً من التضحية لإبقاء البحرين ورايتها عالية خفاقة.

رحمك الله يا خليفة العطاء، وتعازينا لجلالة الملك المفدى ولسمو ولي العهد رئيس الوزراء، ولأهل البحرين كافة.