سماهر سيف اليزل

الزواج أساس الأسرة وبناء المجتمع وهي تشكل الخلية الأولى في استقرار الفرد والمجتمع وتقدمه وبنائه، أي أن العلاقة الزوجية هي علاقة إنسانية لها ركائز أساسية لتحقيق الحاجات والحقوق والواجبات، وتمثل هذه الركائز (الثقة والاحترام، الحب والوفاء، والتعاون والتفهم والتواصل العاطفي والإيجابي والاهتمام بالذات وبالآخر والمساندة في مختلف المواقف في السراء والضراء واليسر والعسر والاحتواء العاطفي واحتواء المشكلات والصراعات التي قد تحدث)، لكن حدث في الآونة الأخيرة انتشار لمشكلة أو ظاهرة الطلاق العاطفي أو الطلاق النفسي الذي يعني ( وجود حالة من الجفاف العاطفي والانفصال الوجداني بين الزوجين أي حالة يعيش فيها الزوجان منفردين عن بعضهم البعض رغم وجودهما في منزل واحد، ويعيشان في انعزال عاطفي ونتيجة لذلك تصاب الحياة الزوجية بالبرود وغياب الحب والرضا الذي يعني موتاً بطيئاً للحياة الزوجية).

وحول مشكلة الطلاق العاطفي تقول الاختصاصية الاجتماعية فخرية السيد شبر هناك عدد من الأسباب التي تؤدي إلى الطلاق العاطفي قد تكون أسباباً داخلية نفسية تتعلق بالفرد نفسه أو أسباباً خارجية اجتماعية تتمثل الأسباب الداخلية بالجانب العاطفي وكبت المشاعر وعدم التعبير عنها، وعدم تفهم الآخر في مختلف مراحل حياته وخاصة مرحلة أزمة منتصف العمر، وغياب التكافؤ بين الزوجين من النواحي الثقافية أو الاجتماعية، والفرق في العمر، والقسوة في المعاملة وعدم معرفة الأساليب الصحيحة في التعامل مع الآخر أو التعامل الزوجي الصحيح وإظهار الشك، وعدم تفهم شخصية الآخر، وغياب الحوار والتواصل والحب وعدم احترام الآخر، والإدمان أو الخيانة الزوجية أو الغيرة، والهروب من تحمل المسؤولية أو عدم الإشباع الجنسي أو المشكلات الزوجية المستمرة أو إصابة أحدهما بأمراض نفسية وعوامل اجتماعية أخرى تكون بسبب تدخل الأهل، وعلاقات سابقة، واختلاف البيئات أو العادات والتقاليد، والغياب المستمر مثلاً العمل والانشغال المتكرر أوقاتاً طويلة، وبعضها يمكن أن يتطلب سفراً مستمراً أو بسبب العجز المادي، وأهمال الاهتمام بإقامة المناسبات المشتركة والخاصة.



وتضيف هناك بعض المؤشرات أو العلامات التي تدل على حدوث الطلاق العاطفي، منها وجود فجوة كبيرة بينهما واستمرار وجود حالة الصمت بين الزوجين، هجران أو الانسحاب من فراش الزوجية بشكل تدريجي وغياب الاهتمامات المشتركة والانشغال المستمر على الآخر سواء داخل المنزل أو خارجه بشكل متعمد كالخروج المستمر وغير الضروري غياب التواصل بينهم والحوار اللامبالاة في الآخر وغياب المشاعر والعواطف تجاه الآخر وتبلدها غياب الشعور بالأمان أو الحب بين بعض في بعض الأحيان غياب احترام الآخر، الشعور بأنه استمرار الحياة الزوجية من أجل أطفالهما لا لشيء آخر.

وأشارت إلى أن تأثيره يمتد إلى الأطفال إذا شعروا بوجوده فيبدأ التأثير النفسي من خلال ظهور الخوف والتوتر والإحباط والقلق، أو الإصابة ببعض الأمراض النفسية كالاكتئاب وظهور مشكلات سلوكية، مثل العنف والجنوح وغيره، كما يمتد تأثيره اجتماعياً مثل ضعف القدرة على التواصل بسبب تراكم المشاعر السلبية والنزاعات التي تفقد الطفل الأمان أو تولد لديه مشاعر الكراهية والغضب وانعدام الثقة، وأيضاً يصل التأثير إلى المستوى التعليمي من خلال عدم القدرة على التركيز أو الإجهاد العقلي والتفكير المستمر.

وبينت "لتتجنب الأسرة الوقوع في الطلاق العاطفي لا بد من أن تكون مصلحتهم واحدة من خلال الحرص على الوصول إلى التوافق الزوجي باستمرار بالمصارحة المستمرة والحوار عند ظهور أي مشكلة والعمل على حلها بأسلوب هادئ وبه كل الاحترام للآخر، كما ينبغي عدم تراكم المشكلات والخصام لكيلا تكون فرصة لتراكم المشاعر السلبية والكراهية تجاه بعضهم، والعمل على التجديد المستمر في الحياة الزوجية والاحتواء العاطفي والمبادرة والعطاء للآخر، والمشاركة في مناسباتهم دون انتظار الآخر للمبادرة، والمشاركة في الاهتمامات وتحقيق الأهداف".

ولعلاج هذه المشكلة لا بد من تقدير الآخر والاهتمام ببعض الاستماع الفعال والحوار الفعال والإيجابي في كل الأحوال، والمرونة في التعامل مع استخدام أسلوب مدح الآخر والثناء عليه وعدم اللوم المستمر والتركيز على العبارات الإيجابية والجميلة والاطمئنان على الآخر بشكل مستمر؛ ليشعر كل منهما أنه مهم، وعدم البخل في الإشباع العاطفي والنفسي والاعتراف بالمشاعر للعمل على الألفة وبث الحميمية".