تم عمل سباق «تجديف» بين فريقين، فريق عربي وآخر ياباني، وكل قارب كان يحمل على متنه تسعة أشخاص، وفي نهاية السباق وجدوا أن الفريق الياباني انتصر بفارق كبير جداً.

قام القائمون على الفريق العربي بتحليل النتيجة فوجدوا أن الفريق الياباني يتكون من قائد واحد للفريق وثمانية أفراد مجدفين، في المقابل كان الفريق العربي يتكون من ثمانية مدراء ومجدف واحد!

وبناء على التحليل حاول القائمون على الفريق العربي تصليح الخلل وتعديل التشكيل ليتمكنوا من الفوز على الفريق الياباني في السباق الثاني، وركزوا على محاكاة تشكيلة الفريق الخصم بحيث يكون هناك مدير واحد فقط.

تسابق الفريقان مجدداً في سباق إعادة، وفي نهاية السباق وجدوا بأن الفريق الياباني انتصر مجدداً وبفارق كبير أيضاً يشابه الفارق في السباق الأول.

قام القائمون على الفريق العربي بتحليل النتيجة فوجدوا أن الفريق الياباني لم يغير من تنظيمه الإداري السابق، فالفريق مازال يتشكل من مدير واحد وثمانية مجدفين، بينما الفريق العربي أصبح يتكون من مدير عام وثلاثة مدراء إدارات وأربعة رؤساء أقسام ومجدف واحد. وبناء على ذلك قرر الفريق العربي محاسبة المخطئ، فتم فصل المجدف!!

بغض النظر عن طرافة القصة، فإن الفكرة هنا إدارية بحتة وفيها عدة دروس وعبر.أولها هي تلك النظرة المنتقصة لأداء شاغلي الوظائف المتباينة في السلم الوظيفي، إذ ما يغيب عن الذهن دائماً بأن قوة الأداء في أي قطاع تكمن من خلال قوته العاملة، وهنا لا يعني وجود مدير قوي بأن القطاع سيسير بشكل سلس وصحيح في ظل افتقاده للأدوات القوية المؤهلة لإدارة العمليات، بالتالي كان اليابانيون يفكرون بتعزيز الطاقة الإنتاجية من خلال مجدفين أكفاء يقودهم مدير واحد.

ثانياً، حسن الإدارة، ولدينا في مجتمعاتنا تنحرف البوصلة حينما تتعدد المناصب القيادية، فيتحول الأمر لصراع بين وزراء أو وكلاء نفس الوزارة أو حتى مدرائها، وينعكس ذلك بالتالي سلباً على الأداء والإنتاجية، بل وتسود طاقة سلبية وثقافة معوجة للأداء بين الموظفين أنفسهم. هنا الهدف من الإدارة السليمة يضيع، ومن يدفع الضريبة القطاع نفسه، وبالتالي يحصد استياء الناس.

ثالثاً، الفكرة في عملية التخطيط والتنظيم، إذ لدى طرح أي مشروع، أو بدء أي جهود لتحقيق هدف معين، لابد من التخطيط والتنظيم السليم، بالتالي الفريق الياباني حدد نوعية مهمته ووضع الهدف المنشود وهو الفوز بالسباق، وعليه هيكل فريقه حسب الاحتياج فرأى بأن قيادة واحدة متمثلة بمدير واحد تكفي، وعمل بناء على ذلك وحقق غايته ومراده.

كل شيء يمكن أن يتصلح، كل خلل يمكن أن يتم استبداله بإيجابيات وإصلاحات، لكن كل ذلك مرهون بحسن التخطيط والتنظيم ووضع الأشخاص المناسبين وتوزيع المهام بشكل ذكي عليهم كل حسب قدراته ومؤهلاته، والأخيرة بحد ذاتها نقطة نغفل عنها كثيراً، فنجد المسئول على قطاع ليس مختصاً به، ونجد المدير الكبير لا علاقة له بالإدارة وهكذا دواليك، والحديث يطول ويتشعب في هذه النقطة الأخيرة.