وليد صبري




* تداخل أعراض بعض الاضطرابات النفسية مع "ثنائي القطب"


* تذبذب سلوك المريض بين السعادة المفرطة والاكتئاب الحاد

* 4 أعراض و7 علامات تظهر على المصابين بالمرض

* العلاج النفسي من 6 إلى 9 أشهر في 16 جلسة مدة الواحدة ساعة

* 4 طرق للعلاج المعرفي السلوكي أبرزها السيطرة على المزاج

كشفت أخصائية الطب النفسي بمركز سلوان للطب النفسي د. لمياء الأشقر عن أن "مرض ثنائي القطب يصيب من 1 إلى 3 من بين 100 من الأشخاص البالغين إلا أن نسبة الإصابة تقل بعد سن الأربعين"، موضحة أن "المرض يصيب الأطفال والكبار والمراهقين وقد يصيب الأطفال الأصغر سناً أيضاً ولكنه قد لا يلاحظ من الوالدين أو المربين".

وقال في تصريحات لـ "الوطن"، "يعد مرض ثنائي القطب من الأمراض النفسية الشائعة وهو يعني "النقيضين"، فمشاعر مرضى هذا الاضطراب تكون إما فرح وبهجة وسرور واهتياج وشعور بالقوة الخارقة والإمكانيات الهائلة لدى المريض أو تصبح كآبة وحزن وفقدان اللذة في الحياة والرغبة فيها والتفكير في الانتحار والقيام به، فيأتي اسم الاضطراب "ثنائي القطب" من تذبذب سلوك ومزاج المصاب به بين السعادة المفرطة والحركة الدائمة إلى فقدان الرغبة في الحياة والاكتئاب الحاد".

وأشارت إلى أن "هذا الاضطراب كان يسمى سابقاً "مرض الهوس والاكتئاب"، نظراً لتميزه بتقلبات المزاج إلى درجة أكبر بكثير مما هو معتاد أو متعارف عليه لدى الأشخاص العاديين في حياتهم، وتقلب المزاج قد يكون شعوراً شديد باليأس والاكتئاب أو شعوراً عالي بالبهجة والسرور لحد الوصول لمرحلة الهوس وغالباً ما يصاب المرضى بمشاعر مختلطة ما بين الاكتئاب الحاد والهوس".

وكشفت عن أن "المرض يصيب 1 إلى 3 من بين 100 من الأشخاص البالغين إلا أن نسبة الإصابة تقل بعد سن الأربعين. كما أن الإصابة عند الذكور والإناث متساوية. ويعيش معظم المصابين به حياة اعتيادية دون ملاحظة هذا الاضطراب لديهم سواء من أنفسهم أو المقربين منهم حتى يصل لدى البعض إلى مراحل متقدمة تحيل حياة الإنسان إلى جحيم إذا لم يتم التدخل الطبي في الوقت المناسب".

وفي رد على سؤال حول الأشخاص المعرضين للإصابة بالمرض، أفادت د. لمياء الأشقر بأن "المرض يصيب الأطفال الكبار والمراهقين وقد يصيب الأطفال الأصغر سناً أيضاً ولكنه قد لا يلاحظ من الوالدين أو المربين".

وأوضحت أنه "رغم أن فترة الطفولة والمراهقة تشهد بشكل طبيعي تبدل وتغير في المزاج والسلوك ومحاولة الأطفال تقليد الكبار ومحاولة المراهقين التشبه بالكبار واعتبار أنفسهم كذلك، إلا أن هذا الاضطراب له خصائص مميزة تنبئ عن الإصابة به وأنه ليس عرض عابر ناتج عن النمو الطبيعي الجسدي والنفسي والاجتماعي للأطفال والمراهقين".

وتحدثت عن "بعض العلامات التي قد تظهر على الأطفال الكبار أو المراهقين عند الإصابة باضطراب ثنائي القطب، وهي تقلب حاد في المزاج يختلف عما هو معروف أو معتاد عليه، وفرط الحركة والنشاط الزائد والسلوك العدواني غير المقبول اجتماعياً، وتبني سلوكيات غير مقبولة أخلاقياً أو اجتماعيا مثل تعاطي الكحول والمخدرات أو ممارسة الجنس العابر وغير المحسوب مع عدد من الشركاء المختلفين، والمعاناة من الأرق وقلة النوم بشكل ملاحظ، والمزاج الاكتئابي أو الصاخب والتحول ما بين الاثنين، وانخفاض تقدير الذات أو العكس تضخيم القدرات الشخصية، والتفكير في الانتحار".

وقالت إنه "هنا يجب ملاحظة تداخل أعراض بعض الاضطرابات النفسية الأخرى مع أعراض ثنائي القطب فعلى سبيل المثال نجد أن فرط النشاط وتشتت الانتباه يلتقي مع ثنائي القطب عند الإصابة بالأخير وأثناء فترة الهيجان وفورة المشاعر والسلوك والحركة الدائمة والنشاط الزائد والسلوك العدواني، وهناك أيضاً بعض الاضطرابات الأخرى المشابهة لاضطراب ثنائي القطب مثل: اضطراب العصيان التقابلي، والاضطراب السلوكي، واضطراب التوتر والاكتئاب الحاد الذي يلتقي مع أعراض ثنائي القطب في انخفاض تقدير الذات والمزاج الاكتئابي والتفكير في الانتحار".

وذكرت أنه "قد يكون التشخيص صعباً بين هذه الاضطرابات لأنه غالباً ما يصاحب اضطراب ثنائي القطب أحد الاضطرابات المذكورة سلفاً".

وأوضحت أنه "إذا كان الطفل أو المراهق يعاني من تقلبات مزاجية حادة كالهوس أو الاكتئاب أو مشاكل سلوكية فلابد من استشارة الطبيب النفسي المتخصص في التعامل مع الأطفال والمراهقين، فالعلاج المبكر يساعد على منع العواقب الكبيرة أو تدهور صحة الطفل أو المراهق النفسية والجسدية".

وفي رد على سؤال حول أنواع اضطراب ثنائي القطب، أفادت بأن "هناك 4 أنواع من المرض، وهي، النوع الأول، حيث يتميز بحدوث نوبة هوس واحدة على الأقل مع أو بدون نوبات اكتئاب، والنوع الثاني، يتميز بوقوع نوبة واحدة من الهوس الخفيف ونوبة اكتئابيه كبرى، والنوع الثالث، وهو تغير المزاج، وهنا تظهر أربع حالات خلال 12 شهراً من اضطراب العاطفة الشديد ويصيب تقريباً شخص من كل عشرة أشخاص من المصابين باضطراب ثنائي القطب ويحصل في حالات النوع الأول والثاني، والنوع الرابع وهو اضطراب المزاج الدوري، وهو عبارة تقلبات المزاج وهنا ليست شديدة كما في اضطراب ثنائي القطب، ولكنها تدوم لفترة أطول، وفي بعض الأحيان قد تتطور هذه الحالة للإصابة بالاضطراب".

وقالت د. لمياء الأشقر إنه "حتى الآن لا توجد إجابة واضحة لأسباب الإصابة باضطراب ثنائي القطب ولكن تقول الأبحاث إنه اضطراب وراثي يسري في العوائل وينتقل بين أبنائها. والبعض يقول إنه نتيجة تغيرات تحدث في الدماغ تؤثر على الحالة المزاجية للشخص ويمكن السيطرة عليها بإعطاء الأدوية. وهناك من يقول إنه ناتج عن ضغوط الحياة أو بعض الأمراض الجسدية".

وفيما يتعلق بأعراض الإصابة بالمرض، أوضحت أنها "تتمثل في 4 أعراض، هي الأعراض البدنية، والعاطفة، والتفكير، والسلوك".

وقالت إن "الأعراض البدنية تتمثل في فقدان الشهية وفقدان الوزن، واضطراب النوم، والنهوض مبكراً عن المعتاد، والشعور بالتعب، والإمساك، وفقدان الرغبة الجنسية".

وفيما يتعلق بالعاطفة، أوضحت أنها تتضمن "شعور لا ينتهي بالتعاسة، وفقدان الاهتمام بالأشياء، وعدم القدرة على الاستمتاع بالأشياء، والشعور بعدم الاستقرار مع التحفز الدائم، وفقدان الثقة بالنفس، والشعور باليأس وعدم جدوى الحياة، وتوتر عصبي أكثر من الحد الطبيعي، والتفكير بالانتحار".

وبشأن العرض الثالث وهو التفكير، أوضحت د. لمياء الأشقر أنه يتضمن "عدم القدرة على اتخاذ القرارات حتى البسيطة منها، وعدم القدرة على التركيز"عدم القدرة على البدء بالأعمال أو إنهائها، وكثرة البكاء أو الرغبة بالبكاء وعدم القدرة على ذلك، والانعزال وعدم الرغبة في الاختلاط بالناس".

ونوهت إلى أنه "عند الإصابة بالاكتئاب أو الهوس يصبح من الصعوبة بمكان أو من الاستحالة على المريض العيش بصورة طبيعية. وقد يشعر الأشخاص المحيطين به بتغيره قبل أن يدرك هو أن هناك شيء غير طبيعي قد حصل له. وعدم علاج حالة الاكتئاب أو الهوس يؤدي إلى تدمير العلاقات الشخصية أو فقدان العمل أو تدهور المرض ليصبح مزمنا وغير قابل للعلاج.

وفي حالة الإصابة بالهوس لأول مرة، قد لا يشعر المريض بأي شيء غير طبيعي ولكن الأصدقاء أو العائلة أو الزملاء في العمل سيلاحظون ذلك. وقد يشعر المصاب بإهانة إذا ما حاول أحدهم الإشارة لذلك لأنه يشعر بأنه في أحسن حالاته، ولكن يبدأ المريض مع الوقت في الابتعاد عن الواقع شيئاً فشيئاً وبعد أن يتحسن وتنتهي النوبة يشعر بالندم على ما قاله أو فعله حينما لم يكن طبيعي".

وذكرت أنه "كان من المعتقد أن المريض يصبح طبيعياً تماماً بين نوبتي الاكتئاب والهوس، ولكن وجد إن ذلك لا ينطبق على جميع المرضى حيث وجد أن بعضهم قد يشعر بأعراض كآبة خفيفة كما أن تفكيره يكون متأثراً أيضاً على الرغم من أنه يبدوا طبيعياً جداً للآخرين".

وفيما يتعلق بالعلاج، أوضحت د. لمياء الأشقر أنه "عادة ما يكون العلاج بأحد وسيلتين أما بالأدوية والعقاقير أو بالجلسات العلاجية وغالباً ما يكون بالاثنين معاً. والعلاج بالأدوية مهم جداً وذلك للحفاظ على اتزان المزاج لدى المريض كوقاية له من حدوث أي من النوبتين "الاكتئاب أو الهوس". ولعلاج ثنائي القطب يلجأ الأطباء النفسيون إلى استخدام مثبتات المزاج لعلاج نوبة الهوس ومضادات الكآبة لعلاج نوبة الاكتئاب. وتوجد أدوية مختلفة يمكن للمريض معرفتها من خلال طبيبه المعالج. ومن الضروري أن يعرف المريض، زيادة عدد مرات الإصابة بنوبة الهوس تسبب زيادة في نسبة الإصابة بها أكثر وأكثر، وأن نسبة حدوث النوبات لا تقل مع تقدم العمر، وحتى في حال تأخر إصابته بنوبة إلا إن الاحتمال قائم دائماً للإصابة بها في أي وقت".

وتطرقت د. لمياء الأشقر إلى العلاج النفسي موضحة أنه "ما بين نوبات الكآبة والهوس، العلاج النفسي قد يكون مفيدا، وقد يستمر من 6 إلى 9 شهور. بما يعادل 16 جلسة علاجية مدة كل منها ساعة واحدة، ويشتمل العلاج النفسي على العلاج المعرفي السلوكي إضافة إلى، التثقيف الذاتي، وذلك بتثقيف المريض نفسه لتزداد معرفته عن المرض، ومراقبة المزاج، ليتمكن المريض من معرفة تقلبات المزاج لديه وعندما تصبح غير طبيعية، والسيطرة على المزاج: اللجوء للطبيب أو المعالج النفسي في الحال حتى لا تتحول الحالات البسيطة إلى شديدة، وتطوير قدرات المريض العامة على التعايش مع المرض".

وقدمت د. لمياء الأشقر مجموعة من النصائح للعائلة والأصدقاء، تضمنت نوبات الكآبة أو الهوس قد تكون متعبة جدا للعائلة أو الأصدقاء حيث إن نوبة هوس واحدة قد تتعب كل الذين حول الشخص ونوبة الكآبة قد تترك المحيطين بالشخص يشعرون بأنهم غير قادرين على المساعدة".

وبشأن كيفية التعامل مع النوبات، أوضحت أنه "على الفرد من العائلة أو الصديق أن يكون صبوراً ومتفهماً لحالة الكآبة التي يمر بها المريض وأن يقدم له الدعم والمساعدة، وإذا ما تحدث المريض عن تفكيره بالانتحار فلا بد من أخذ هذا الموضوع بجدية والاتصال بالطبيب فوراً. أما في حالة نوبة الهوس فمن المهم إبعاد المريض عن الحفلات والمناقشات الحامية التي قد تجعله يشعر بإثارة مبالغ بها قد تؤدي إلى أن يسوء مزاجه وحينها يجب اللجوء للطبيب على وجه السرعة لتهدئته وإعادته إلى وضعه الطبيعي".

وقالت إنه "يجب مساعدة أحبائكم أن يظلوا أصحاء، وإذا وجدت أن قريبك أو صديقك مريض اضطراب ثنائي القطب لا يهتم بنفسه أو ملابسه وهندامه أو لا يتناول الطعام والشراب أو يتصرف بطريقة غير طبيعية قد تضع حياته أو حياة الآخرين في خطر فيجب الاتصال بالطبيب مباشرة".

ونوهت إلى "ضرورة أن تحافظ على نفسك كقريب أو صديق للمريض، ويجب أن تعطي لنفسك الوقت والمكان الكافي لتستعيد قدراتك من جديد وتحاول قضاء وقت للراحة والاسترخاء بعيدا عن ضغوط العناية المستمرة للمريض. وفي حالة حاجة المريض للدخول للمستشفى حاول أن تجد من يساعدك على العناية به".

وأشارت إلى أنه "في حالة الطوارئ، وإذا أصبحت حالة الهوس شديدة جداً فقد يصبح الشخص عنيفاً، يشك بالآخرين وقد يؤذيهم بالكلام الجارح أو جسدياً. وإذا أصبحت حالة الكآبة شديدة فقد يفكر الشخص بالانتحار ففي كلا الحالين عليك طلب المشورة الطبية مباشرة".

وفي رد على سؤال حول رعاية الأطفال المصابين بالمرض، أفادت د. لمياء الأشقر بأنه "إذا كان للشخص المصاب طفل فانه لن يستطيع رعايته بصورة جيدة عند حدوث النوبات لذا لابد من وجود الشريك أو أحد أفراد العائلة للعناية بالطفل وتوضيح ماهية المرض له والإجابة على أسئلته وبث روح الاطمئنان والهدوء لديه، كما أن الأطفال الأكبر سنا قد يشعرون بأنهم سبب إصابة الأب - الأم بالمرض ويحتاجون لمن يطمئنهم بأنهم ليسوا السبب وتوضيح كيف يستطيعون المساعدة. وعندما يتحمل أحد الأبناء رعاية أحد الآباء المصابين بالمرض فيجب هنا أن يحصلوا على مساعدة خاصة وتفهم لموقفهم في فهم مرحلة قلق وتوتر وبحاجة لكل مساعدة ومساندة معنوية ونفسية يمكن تقديمها لهم سواء من أفراد العائلة الآخرون أو الأصدقاء.