لم تحمل كلمات وزير الخارجية الإيراني جواد ظريف ما كان منتظراً منها كدعوة للحوار مع دول الخليج، ليس لأنها «كلاكيت» عاشر مرة لكن لأسباب إضافية أخرى منها:

- فالدعوة أساسها التسويف للخروج من أزمتهم الداخلية والخارجية. حتى تستقر الأمور للإدارة الأمريكية الديمقراطية الودودة مع طهران مقارنة بإدارة ترامب، وإعطاء انطباع أنهم أهل ميل للسلم الإقليمي رغم أن ضجيج الدعوة يتم موازياً لضجيج مناوراتهم «اقتدار 99» التي تشمل تدريبات للقوات المحمولة جواً، والقوات الخاصة، وقوات الرد السريع.

- تراهن طهران على أن بذور الخصوم بين الخليجيين ستتحول إلى غابة من العداء، لذا قسم المخطط الإيراني الخليجيين لصقور وحمائم متجاهلاً أن ما نطالب به ككتلة خليجية عابر للخلافات البينية بدليل المصالحة الخليجية.

- لم تخلُ دعوة الحوار من غطرسة إيرانية معتادة لتعويم مسألة دخول الخليجيين في اتفاق المشروع النووي، والصاروخي البالستي، وتذكيرنا بحجمنا، الذي يحتاج إلى منة إيرانية، فبالحوار حالياً، كما يقول معلق إيراني «نحن من يلقي طوق النجاة لإخراج الخليجيين من الابتزاز الدولي» وكأننا نراهن على التوتر القائم بين واشنطن وطهران، بكل اوراقنا.

إن ما نريد من طهران لا يستوعبه حوار ظريف المدفوع بالمسوغات الإيرانية السابقة، بل نحتاج إلى حوار لحل المشاكل العالقة، يتضمن تحقيق شروط أهمها عدم تصدير فكر الثورة بمسمياته المقاومة والممانعة، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية لدول الخليج ووقف التأليب الطائفي في دولنا وفي جوارنا الإقليمي. ومشاكل النووي والباليستي والجزر الإماراتية المحتلة.

لكن كيف يتحقق ذلك؟! فنظام طهران على ألفة بمصطلحات المشاكل الدولية «الحصار والمقاطعة الاقتصادية، والعزلة الدبلوماسية، والهجوم العسكري» ولن يتخلى عن هذا الإرث إلا بتغيير صورة النظام التي شكلتها أهدافه الصدامية منذ 1979 بمراحلها التي تتوقف ثم تعود للمسير وهي «إعلان الثورة»، و«تثبيت الثورة»، و«تصدير الثورة»، ثم «إعلان الدولة الإسلامية» إلى أن ستكون طهران محورها.

* بالعجمي الفصيح:

يقول جواد ظريف «على دول الخليج أن تدرك أنها باقية إلى جانب إيران والرؤساء الأمريكيون يتغيرون»، لكن الترجمة الفارسية لتلك النصيحة هي «على دول الخليج أن تدرك أنها باقية كتابع لإيران».

* كاتب وأكاديمي كويتي