قرأت ذات مرة أن الرئيس دونالد ترامب بنى السياسة الخارجية للولايات المتحدة الأمريكية بناء على علاقاته الشخصية بأنظمة الحكم في الدول التي يتعامل معها، فقيل عن ترامب إن به أصولاً عربية، قيل إنه بدوي أمريكي!

إذ إن تحسن العلاقات الأمريكية مع أي دولة سيكون بناء على علاقات رئيسها أو صاحب السلطة فيها من ترامب، والرئيس الذي تربطه علاقات شخصية مع ترامب تحظى دولته باهتمام خاص منه، والعكس صحيح، وترامب عموماً هو رئيس أتى من خارج المؤسسة فلا عجب أن تكون العلاقات الشخصية واحدة من عناصر بناء الثقة وتبادلها، وسواء صح هذا التحليل أم لم يصح إنما هذا ما يقودنا إلى التنبيه إلى أننا في عالمنا العربي والخليجي بشكل خاص مازالت العلاقات الشخصية الثنائية بين رموز الحكم في أي دولتين عربيتين واحدة من أهم عناصر العلاقات الثنائية بين الدول، وهذه معلومة لا يختلف عليها اثنان حيث كانت رابطة الدم التي تجمع حكام ثلاث دول خليجية على سبيل المثال من أهم عناصر تلاحم شعوب هذه المنطقة وبسبب العلاقات الشخصية التي تجمع أبناء العمومة، واستمر هذا الحال إلى يومنا هذا فعلاقة الشيخ عبدالله السالم على سبيل المثال مع الشيخ سلمان بن حمد حين كان الاثنان وليي عهد علاقة قوية جداً، الزيارات المتبادلة والرحلات المشتركة جعلت من العلاقات البحرينية الكويتية أقوى من علاقة أي دولتين خليجيتين مع بعضهما البعض، بل أن كثيراً من الأحلام والتخطيط للمستقبل بناه الاثنان مع بعضهما البعض في رسم مرحلة ما بعد الاستقلال أثناء زياراتهما المتبادلة والمتكررة.

هناك رصيد تاريخي طويل للعلاقات الشخصية بين حكام الخليج بعضهم البعض وبين أولياء العهد كذلك، هكذا كان الحال مع المملكة العربية السعودية ومع الإمارات قبل أن تؤسس الإمارات، حيث أسس الشيخ زايد علاقاته الوطيدة مع حكام الخليج بزياراته المتكررة وبقضاء الوقت الطويل مع أسرة آل خليفة والعكس صحيح.

شئنا أم أبينا فإن «للعلاقات الشخصية» بين حكام دول الخليح أهمية قصوى في الحفاظ على ترابط دول مجلس التعاون أكثر مما تؤسسه اللجان المشتركة والمجالس التنسيقية المشتركة، فرغم كل ما حققناه على صعيد التقدم والنماء والعمل المؤسسي إلا أنه تبقى العلاقة الشخصية بين حكام المنطقة كعنصر عربي أصيل من عناصر تكوين بنيتنا الفكرية وشخصياتنا وهويتنا ولها أكبر الأثر على العلاقات والمصالح المتبادلة بين أي دولتين خليجيتين.

لهذا يقع على عاتق أولياء العهد في دولنا الخليجية مسؤولية الحفاظ على هذا الإرث وتعزيزه وعدم التقليل من شأنه أو إهماله أو تأخيره نظراً للانشغالات الكثيرة والمسؤوليات الجسيمة التي يحملونها أو بسبب الانشغال بالظروف المعقدة التي تمر بها المنطقة.

ليكن إرث الآباء والأجداد رصيداً نبني عليه ونضاعفه لا أن نتكل عليه فحسب في الظن أنه كافٍ وحده لاستمرار تلك العلاقة بذات القوة، فقد قدم الآباء والأجداد ما استطاعوا لتعزيز هذه الثقة المتبادلة وتلك العلاقة الوطيدة، والآن جاء دور الأبناء ليبنوا هم رصيدهم الخاص في العلاقات الثنائية أو الثلاثية بما يزيد من تلاحمنا ويؤكد على وحدة مصيرنا المشترك.