يعيش النظام العالمي في ظل تفشي جائحة كورونا (COVID-19) أسوأ أزماته، وبدأت تظهر لهذه الجائحة محددات جديدة وإكراهات غير مسبوقة؛ إذ بينت أن النظام العالمي مريض وأناني، وأن الدولة القومية في أزمة، وأن المرحلة الحالية والمقبلة بدأ يتغير فيها كل شيء بدءا من أسس هذا النظام وأولويات الدولة القومية وأسس العلاقات الاجتماعية الجديدة.

وقد كتب (جوزيف ناي) مؤخرا مقالة بمجلة Project Syndicate عنونها "الجغرافيا السياسية بعد الجائحة"، يذكر فيها أن تقديرات التأثيرات على المدى الطويل للجائحة الحالية ليست دقيقة؛ ويضيف انه لا يوجد تصور مستقبلي واحد مضمون الحدوث حتى عام 2030، وبدلًا من ذلك يتنبأ "ناي" بإمكانية حدوث خمسة سيناريوهات محتملة كالتالي: نهاية النظام الليبرالي العالمي؛ استبداد سلطوي يشبه فترة الثلاثينات؛ نظام عالمي تهيمن عليه الصين؛ أجندة دولية خضراء؛ واستمرار الوضع الحالي. كما سنشهد تعاون الصين في قضايا معينة مثل: تغير الاوبئة والتغير المناخي، وبنفس الوقت استمرار المنافسة في قضايا اخرى مثل (حرية الملاحة في بحر الصين الجنوبي).

البيئة الدولية الجديدة أصبحت أكثر ضبابية وأكثر تعقيدا وأكثر غموضا من أي وقت مضى؛ فالقوة بالمفهوم القديم لن تصبح لها أي معنى، إذ أخذت الحروب طابع الهجمات الإلكترونية أو نشر أسلحة بيولوجية فيروسية يجهل مصدرها، وستفقد بعض الدول القوية قدراتها في الردع الاقتصادي والعسكري والحمائي بل وحتى الثقافي، ولن يعود للثنائية القطبية أو الأحادية القطبية نفس المدلول مع صعود اقتصاديات الدول الأسيوية واقتصاديات أخرى واتساع رقعة الأزمة المالية العالمية والتنافس التجاري العالمي، وتنامي الإجرام العالمي وعولمة الخدمات وتنامي دور الأفراد في العلاقات الدولية المقبلة.



وستتناول الندوة التي تنظمها الأمانة العامة لتحالف مراكز الفكر والثقافة العربية ويستضيفها مركز عيسى الثقافي (عن بُعد)، أربعة محاور للنظر في تأثير جائحة كورونا المستجد على أسس النظام العالمي المقبل، ومحددات وإكراهات الدولة الجديدة، إلى جانب محددات القوة في الجغرافيا السياسية العالمية الجديدة، فضلا عن تأثير ذلك على أسس العلاقات الاجتماعية الجديدة.