الأم كلمة إن جردتها من حروفها الزائدة، لن يبقى منها سوى حرفين اثنين، لكن هذين الحرفين يحملان في مضامينهما معان كثيرة، ولعل أعمق هذه المعاني محبة الأم لأبنائها التي تدفعها لتحمل الكثير من الأعباء وتجتاز العديد من الصعوبات والتحديات، لتوفر الراحة لأبنائها وتقدم لهم الدعم والمساندة، فالأم تكتسب بعض مهارات التمريض والإسعافات الأولية والتطبيب بالأعشاب لتقف بجانب أبنائها في مرضهم، وتتعلم طرق التدريس لتعلم أبناءها، بل تتعلم لسياقة لتوصل أبنائها للمدرسة بأمان، واليوم أثبت الأم أنها قادرة على أن تتعلم كل جديد في سبيل مساندة أبنائها، فعندما أصبح موقع المعلم خلف شاشة جهاز الحاسوب، في زمن التعليم عن بعد، تصدت الأم لتقوم بدور مكمل لدور المعلم، فتعلمت مهارات استخدام الحاسوب والبرامج التقنية للتعلم عن بعد، وتعلمت كيف تحل المشاكل التقنية، وكيف تستخدمها لتساعد أبناءها، ولعبت جزءاً من دور المعلم فأصبحت تدرب أبناءها على اكتساب المهارات والمعارف والمعلومات باستخدام تقنيات المعلومات، بل باتت تشارك في الإدارة الصفية فتساعد ابنها في الموقف التعليمي على التفاعل في الحصة، وعلى الالتزام بآداب التفاعل في الموقف التعليمي. وفي ذلك تحد كبير، وقد أثبت الأم البحرينية قدرتها على سرعة التعلم والتكيف مع المتغيرات، وعلى إصرارها على مساندة أبنائها واجتهادها وجديتها، وبالطبع تزداد هذه التحديات عند الأم العاملة ففي الوقت التذي تتابع فيه حضور أبنائها للحصص الدراسية على اختلاف مستوياتهم التعليمية، تقوم بالمهام الوظيفية المطلوبة منها أثناء العمل من المنزل.

وهنا ندرك الحكمة من التوجيه السامي لحضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك البلاد المفدى حفظه الله ورعاه، في بدايات زمن «كورونا» حينما وجه لإعطاء الأولويات للأمهات العاملات في الوزرات والهيئات والمؤسسات الحكومية للعمل من المنزل، وذلك لما سيقع عليهن من مسؤوليات وتحديات لإنجاح عملية التعليم عن بعد، وفي ذلك بعد نظر.

فدعونا نشهد أن للأمهات نصيب الأسد في نجاح تجربة التعليم عن بعد، ودعونا نشهد أن الأم بذلت جهداً جباراً في هذه المرحلة، لاسيما الأم العاملة، فهي توازن بين مسؤوليات وظيفتها التي تقوم بها، وبين مسؤوليات متابعة حضور أبنائها للحصص الدراسية.. ودمتي أيتها الأم سالمة.