لا تكاد تُذكَر كلمتي البحر وإيران في وسائل الإعلام، من دون مفردات الأزمات البحرية كالمناورات واعتراض السفن والقرصنة. وفي الكويت نتذكر عندما أصبحت سفننا غريبة علينا وتحمل أعلام الاتحاد السوفيتي الأحمر والعلم الأمريكي مع أن أطقمها كويتية، إبان حرب 1980-1988، حيث هاجمت إيران ناقلات النفط الخليجية، بدعوى أننا ندعم العراق، وكانت معظم الخسائر من نصيب ناقلات النفط الكويتية، فقامت الكويت 1986 بطلب الحماية الدولية لناقلاتها، فحصلت عليها ورفعت أعلام السوفيت وأمريكا على سفنها.

تعود القرصنة للبحار مرة أخرى بين تل أبيب وطهران حيث تم تبادل استهداف سفن الشحن الإسرائيلية والإيرانية، حيث تعرضت 12 سفينة إيرانية لهجمات إسرائيلية منذ 2019، وفي المقابل أعلنت إسرائيل عن تعرض نصف هذا العدد من سفنها للهجوم الإيراني في خليج عمان وبحر العرب والمحيط الهندي، مما يطرح سؤالين: لماذا الآن، وما تبعات حروب القراصنة بين إيران وإسرائيل على الخليج!

يمكننا تفسير حرب السفن أنها كجزء من استراتيجية الدولتين الدفاعية بإبعاد الجبهات، فكلاهما جبهاتها هشة لا تحتمل حرباً. كما يمكن القول إن طهران تعتزم فتح جبهة بحرية ضد إسرائيل بعد أن ملت من تكرار المسلمين أنها قد أضاعت درب القدس فلعلها تصل القدس عبر البحر..!!

بحرب السفن فتحت إسرائيل جبهة جديدة لم تكن معلومة من قبل، كما أن ما تقوم به إسرائيل هو استمرار جهد الجيش الإسرائيلي في ضرب الأهداف الإيرانية في سوريا.

ومهاجمة ناقلات النفط الإيرانية في المتوسط هو لقطع المدد عن الأسد، وفي الوقت نفسه صعّدت إسرائيل هجماتها ضمن حملة أوسع على الاقتصاد الإيراني. كما يمكن أن يقال إن ما يجري هو الانتقام من باب الرد في الوقت المناسب والمكان المناسب، بل وربما يعود استعراض تل أبيب لقوتها البحرية من باب إغراء الخليجيين وتسويق أن إسرائيل لديها بحرية مياه زرقاء Blue water Navy. كما أن ما يجري هو تخريب للاتفاق النووي، فالقرصنة المتبادلة بدأت بعد تولي بايدن منصبه وتعهده بالعودة للاتفاق النووي 2015.

* بالعجمي الفصيح:

قد يقول أحد الخليجيين، «اللهم حط حيلهم بينهم» لكن في ذلك قصر نظر، حيث ستنتقل القرصنة المتبادلة إلى داخل الخليج فتعكر السلم البحري، وتجر القوات البحرية الخليجية لتكون جزءاً من التراشق أما منفردة أو وهي ضمن القوات البحرية المشتركة Combined Maritime Forces.

* كاتب وأكاديمي كويتي