يعاني البعض من فهمه الخاطئ لمعنى الحرية الصحفية، هذا البعض يرى أنها يجب أن تكون مطلقة إلى الحد الذي يمكن للصحفي قول ما يشاء بالكيفية التي يشاء في الوقت الذي يشاء، وأنه في المقابل لا يحق لأي جهة محاسبته أو حتى معاتبته. هذا البعض يؤمن بأن الحرية الصحفية إن لم تكن هكذا فإنها ليست حرية وليس للمسؤولين أن يدعوا أن الحريات في بلادهم متاحة.

المثير أن هذا البعض لا يقبل من الصحفي أن يتناوله أو يتناول «رموزه» من قريب أو بعيد، ففي مفهومه أن حريتك كصحفي هي قول كل ما تريد بأي طريقة ومن دون حدود عن النظام والحكومة والمؤسسات والشركات وكل الآخرين، باستثنائهم وباستثناء من «يعز» عليهم!

أولئك الذين يعتبرون أنفسهم «معارضة وثواراً» واختاروا الخارج موئلاً يدعون في كل حين إلى توسيع هامش الحريات، وهو في نظرهم السماح بانتقاد السلطة بكل طريقة ومن دون أي اعتبار لأي شيء، لكنهم لا يقبلون من الصحفي أن يقول أي شيء عن الذين يعتبرونهم رموزاً، فهؤلاء خط أحمر، والصحافة الحرة تستثنيهم من النقد مهما فعلوا ومهما قالوا!

حقيقتان يتهرب منهما أولئك، الأولى هي أنه لا يوجد حرية مطلقة في أي بلد من بلدان العالم بما فيها تلك التي يعتقدون أن هامش الحريات فيها أوسع، فلا يحق للصحفي فيها ولا لغيره تجاوز حدوده أو التطاول وقول ما يشاء بالكيفية التي يشاء، فالقانون هو الذي ينظم العلاقات ويحدد المساحات التي يمكن للصحفي أن يتحرك فيها، وهذا يشمل الولايات المتحدة وغيرها من الدول المتقدمة وكذلك إيران التي تتاجر بشعارات الحرية. ولعل المثال الأبرز هذه الأيام ردة فعل النظام الإيراني على ما تسرب من حديث لوزير خارجيته عن قاسم سليماني.

والحقيقة الأخرى التي يتهربون منها هي أنه توجد في البحرين مساحة للحريات لا تتوفر في بلدان كثيرة.