سكاي نيوز عربية


دافعت الحكومة العراقية عن خطتها بشأن إجلاء مواطنيها من مخيم الهول السوري، إلى محافظة نينوى شمالي البلاد، ضمن خطة شاملة تستهدف إنهاء أزمة المخيم الذي تحول إلى بؤرة للتطرف والأفكار الإرهابية.

وأثارت الخطة مخاوف وقلق مسؤولين ونواب في محافظة نينوى، بداعي تحول المدينة إلى مسكن لعائلات عناصر داعش، وهو ما نفته الجهات الحكومية.

وقالت وزارة الهجرة العراقية، يوم الجمعة، إن "عودة العوائل النازحة وبواقع 383 فردا أغلبهم من الأطفال والنساء وذوي الاحتياجات الخاصة لم تأت بصورة عشوائية، وإنما تمت بعد دراسة شاملة ولفترة طويلة لوضع خطة محكمة، حيث تم عقد عدة اجتماعات موسعة مع الجهات ذات العلاقة لتقرير مصير هذه الفئة التي بحاجة إلى إعادة تأهيل لا سيما الأطفال حيث أن إهمالهم وتجاهلهم لسنوات قد يتحولون إلى قنابل موقوتة ويلحقون الضرر بأنفسهم وبمجتمعهم مستقبلا".


وأضافت الوزارة في بيان، أن "هذه الرؤية المشتركة بين مستشارية الأمن القومي، ووزارة الهجرة، والجهات الأمنية، أدت الى توزيع المهام والأدوار على كل جهة بحسب اختصاصها، وتحملت قيادة العمليات المشتركة، ومستشارية الأمن القومي، وجهاز الأمن الوطني مهمة التدقيق الأمني والتي ثبت من خلال التقارير التي وردت بأن تلك العوائل ليست لديها مشاكل أمنية وأغلبها من النساء والأطفال وذوي الاحتياجات الخاصة وليسوا من ذوي الدواعش".

وأوضحت الوزارة العراقية أنه "تم إشراك المنظمات الدولية في مجال إدارة المخيمات، وتنفيذ البرامج التأهيلية النفسية كون هذه العوائل شاهدت بأعينها أبشع الجرائم والانتهاكات من قتل وجلد وأنواع القصاص والتعذيب الذي مارسته عصابات داعش بحق الابرياء، بالإضافة إلى عدم توفر الخدمات الإنسانية والصحية والتعليمية خلال فترة الاحتلال الداعشي وحتى تواجدهم في مخيم الهول".

وأبدت جهات سياسية ومجتمعية في محافظة نينوى، اعتراضها على الخطة الحكومية، لجهة تحمل المدينة، مجمل تكاليف إقامة هؤلاء النازحين، قبل إعادتهم إلى منازلهم، وهو ما يستغرق وقتاً لحين تأهيلهم وإعادة بناء أفكارهم بما يطمئن من ناحية نزعاتهم المتطرفة.

ويرى المستشار السابق، للتحالف الدولي، ضد تنظيم داعش، كاظم الوائلي، أن "على الدول الأخرى سحب مواطنيها كذلك من الهول، وعزلهم اجتماعياً، لحين التأهيل التام".

يضيف الوائلي لـ"سكاي نيوز عربية" أنه "يجب أن تكون هناك منظمة دولية أو لجنة مهمتها الإشراف على تلك العملية، إذ لا بد من إغلاق هذا المخيم، لكن في ظروف مناسبة، وتحت رعاية دولية، من واشنطن أو موسكو أو حتى الاتحاد الأوروبي".

ومع مجيء رئيس الحكومة الحالي مصطفى الكاظمي، أوعز بضرورة إنهاء أزمة مخيم الهول، حيث أطلق خطة شاملة، بالتعاون مع الولايات المتحدة، والأمم المتحدة، والمنظمات الحقوقية، بالإضافة إلى الجانب السوري، وقوات سوريا الديمقراطية.

اعتراض مفهوم

وشهدت الساحة العراقية نقاشاً محموماً خلال الأيام الماضية، بشأن التصرف الأمثل مع هذا المأزق، خاصة مع التحذيرات المتصاعدة وتعاظم المخاطر في المخيم، بسبب انتشار الأفكار المتطرفة، وشيوع الجريمة والقتل، بالإضافة إلى تكرار هرب عناصر التنظيم القاطنين في المخيم.

مسؤول في وزارة الهجرة العراقية، قال إن "وجبات أخرى قادمة ستصل خلال الأيام القليلة المقبلة، فعلى رغم وجود رفض من بعض المكونات لكن هذا المسار لا بد أن يمضي، وفق ما مخطط له، فليس هناك طريقة أخرى لإبعاد هذا الخطر عن البلاد، وأما المكونات والأقليات فإن اعتراضها مفهوم، لكن الحلول أحياناً تحتاج إلى جرعات من القوة والتحمل".

يضيف المسؤول الحكومي، الذي رفض الكشف عن هويته، لـ"سكاي نيوز عربية" أن "المخيمات في الداخل العراقي، جاهزة، وستشهد أيضاً إعادة تأهيل وإعمار، مع بناء مدارس جديدة، ووضع برنامج واضح للتعامل مع الأطفال والنساء، بمساندة منظمات دولية، وإعطاء دورات ودروس مكثفة، في مجالات الحياة العامة، وحقوق الإنسان، والتوعية، والاندماج، والتأهيل النفسي، والقوة البدنية، للرجال والنساء على حد سواء، للتخلص من رواسب الفترة الماضية، خاصة للفئات العمرية من المراحل الأولى".

ولفت المسؤول العراقي، إلى أن "الخطة الموضوعة تستهدف إعادتهم إلى مناطقهم خلال سنتين أو ثلاثة، وهذا يعتمد أيضاً على مخرجات برنامج التأهيل، المعد بالتعاون مع الجهات الساندة، مثل وزارة التربية وغيرها".

وأبدت جهات أيزيدية اعتراضها على الخطة، واعتبرت ما حصل "إهانة" للعائلات التي تعرضت للتعذيب والتنكيل على يد تنظيم داعش.

وقالت النائبة السابقة في البرلمان العراقي، فيان دخيل، في بيان: "إلى الحكومة العراقية ورئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، اليوم سوف تنقل 150 عائلة من عوائل الدواعش من مخيم الهول في سوريا إلى مخيم الجدعة جنوبي مدينة الموصل، ورغم اعتراضنا الشديد على الخطوة ورغم كل محاولات منعها إلا أن هذه الصفقة تمت".

وأضافت دخيل وهي من المكون الإيزيدي: "لكن أن يتم نقل هؤلاء العوائل بمنشآت حكومية وحماية، ومرورها من داخل سنجار، فهذه إهانة كبيرة، وكبيرة جدا لجراح الضحايا التي ماتزال تنزف، وصفعة أخرى في وجه الإنسانية وفي وجه الألم الذي مازلنا نعيشه".

خطوة جريئة

والهول هو موطن لما يصل إلى 70 ألف شخص - معظمهم من النساء والأطفال - الذين نزحوا بسبب الحرب الأهلية في سوريا والمعركة ضد تنظيم داعش، ونصفهم تقريبا من العراقيين، كما يتم إيواء نحو 10 آلاف أجنبي في ملحق آمن، ولا يزال الكثيرون في المخيم من أشد المؤيدين لداعش. الباحث والناشط في مجال حقوق الإنسان، وسام العبد الله، أكد على "ضرورة الاهتمام بمرحلة ما بعد مخيم الهول، فوصول العراقيين إلى مواقع داخلية، وإسكانهم، يمثل خطوة كبيرة وجريئة، نحو حل الأزمة الإقليمية، وهو ما سيشجع الدول الأخرى على استضافة سكانها، واستلهام تجربة بغداد، في التعاطي مع تلك الفئة التي تعرضت إلى افكار متطرفة، وتنبذ المجتمع، والقيم السمحة"، مشيراً إلى "أهمية أن يتحمل الجميع مسؤوليته، كما فعل العراق، على رغم العقبات التي واجهته، والأزمات الاقتصادية والسياسية، والوضع الأمني غير المستتب".

يضيف العبد الله، خلال حديثه لـ"سكاي نيوز عربية" أن "الأهم في المرحلة الحالية، هو تكييف هؤلاء، وفرزهم، وتقسيمهم، وإجراء التدقيق الأمني، وبدء مرحلة أخرى، نحو إنشائهم من جديد، دون الالتفات إلى الاعتراضات السياسية، وأحياناً المذهبية، إذ لا حلول أمام بلدان المنطقة، إلا بتلك الطريقة، التي بدأها العراق".

ورفضت العديد من الدول إعادة مواطنيها الذين كانوا من بين أولئك الذين جاؤوا من جميع أنحاء العالم للانضمام إلى داعش، بعد أن أعلن المتطرفون عن الخلافة المزعومة عام 2014.

وانتهت سيطرة التنظيم على الأراضي عام 2017، لكن العديد من الدول امتنعت عن إعادة مواطنيها، خوفًا من صلاتهم بداعش.

في أواخر مارس، أجرت القوة الرئيسية التي يقودها الأكراد والمدعومة من الولايات المتحدة في شمال شرق سوريا عملية تمشيط داخل مخيم الهول استمرت خمسة أيام بمساعدة القوات الأميركية. تم القبض على ما لا يقل عن 125 من المشتبه بهم.