هدى عبدالحميد

أكدت أستاذة هندسة البيئة المساعدة في قسم الموارد الطبيعية والبيئة في جامعة الخليج العربي الدكتورة سمية يوسف لـ الوطن أن إدارة ميزانية الأسرة عامل أساسي من العوامل التي تؤثر على أنماط الاستهلاك في المجتمع.

وأضافت: حيث إن تخطيط الميزانية بالشكل الصحيح المتوازن يؤدي بشكل مباشر أو غير مباشر إلى الشراء الذكي وترشيد الاستهلاك وبالتالي تشجيع أنماط الاستهلاك المستدامة التي تحافظ على الموارد وتحمي البيئة والاقتصاد والمجتمع.



وقالت: ومن النصائح التي توجه إلى الأسر حول تخطيط الميزانية، يجب أولاً تحديد الموارد المالية كالدخل الشهري والسنوي وأي إيرادات أخرى، ثم يأتي التخطيط للمصروفات.

ونوهت إلى أنه يجب أن تراعي بنود الميزانية الضروريات المهمة للفرد أو الأسرة مثل: السكن والطعام والشراب وتكلفة التنقل، ويجب أن تكون هناك أولويات واضحة، وخطط للمستقبل.

وأفادت د. سمية: قد حدد خبراء الاقتصاد نسباً مثلى لتقسيم الميزانية، بحيث يجب مراعاة الالتزام بها، وهي كالآتي: 20% للسكن، و25% للأكل والشرب، و15% للصيانة المنزلية، و10% للملابس، و5% للعلاج، و5% للتوفير.

وأضافت: وهذه النسب تتفاوت بين شخص وآخر بحسب الظروف، ولكن نلاحظ أنه مهما اختلفت الأولويات فيجب ألا تتجاوز نسبة الإنفاق على الأكل والشرب مثلاً 25% والملابس 10% من الميزانية، كما يجب ألا تقل نسبة التوفير عن 5% كحد أدنى.

ونوهت إلى أن هناك طرائق عدة لتوزيع الراتب وعمل الميزانية الشهرية، ومن بين تلك الطرائق اتباع قاعدة 50 - 30 - 20 لتقسيم الراتب الشهري والتي تسهم في خلق فائض يساهم في زيادة المدخرات وتقليل الضغوط المالية، وذلك من خلال تقسيم الدخل الشهري إلى ثلاثة أجزاء تُخصص للنفقات الأساسية والمتغيرة وخطط الادخار والاستثمار المستقبلية، بحيث يتم تخصيص 50% من الراتب للنفقات الأساسية الثابتة التي تلبي الاحتياجات الشهرية: كالفواتير، والتعليم، والصحة، والنقل، والاتصالات وغيرها. تخصيص 30%من الراتب للنفقات المتغيرة؛ قد يعبر عنها بالكماليات، وتخصيص ما لا يقل عن 20% من الراتب للخطط المالية المستقبلية، ومنها الادخار.

وأكدت د. سمية أن الالتزام بهذه النسب ومراقبة مصارف الميزانية قد يسهم كثيراً في الحد من الاستهلاك المفرط وخاصة للسلع التموينية، كالأغذية والملابس والكماليات وغيرها والتي ينتج عنها بعد استهلاكها مخلفات والتي تعد موارد مهدرة تشكل عبئاً على البيئة، وخاصة مع غياب إستراتيجيات الاقتصاد الدائري والإدارة المستدامة للمخلفات، بالإضافة إلى تشكيل عبء اقتصادي يضر بالشخص نفسه قبل غيره؛ لأنه باستهلاكه غير الرشيد لقسم دون غيره يطغى على أولويات أخرى ربما تكون أكثر أهمية.

وقالت: تجدر الإشارة هنا إلى ضرورة الوعي بالاستهلاك والتسوق الذكي، والوعي بأن هدف أغلب الشركات التجارية هو بيع منتجاتها للعملاء بهدف الربح فقط، لذلك تلجأ إلى علم النفس السلوكي؛ لجذب الزبائن لشراء أكبر كميات ممكنة؛ لذا يجب تدوين احتياجات البيت قبل الخروج للتسوق، حتى لا نقع فريسة للنزعة الاستهلاكية السلبية، وإغراءات التجار، من خلال الإعلانات التجارية الجذابة وعروض التخفيضات المستمرة التي تجعل الفرد يشتري ما لا يحتاج إليه رغبة في الحصول على التخفيض، والتي للأسف ربما تجد طريقها إلى صندوق المهملات حتى قبل فتحها، ما يساهم في زيادة كمية الفاقد والمهدر من الموارد، ما يهدد استدامة المدن.

وأشارت إلى أن تقسيم ميزانية الأسرة يرتبط بشكل وثيق مع تحقيق الهدف الـ12 من أهداف التنمية المستدامة والمرتبط بالاستهلاك والأنتاج المستدامين. والتوعية المجتمعية هي أساس التحول للاستهلاك المستدام، حيث من المهم حث المستهلك على الاستهلاك المستدام، بحيث يتجه وفق ميزانيته لشراء السلع التي تراعي البيئة ولا تسبب أضراراً كالتي يمكن إعادة استخدامها وليست ذات استخدام واحد فقط ما يسهم في تقليل الإنفاق والتوفير في كل مرة.

وفي ختام تصريحها قالت: كما أود أن أشير إلى أن الإيمان بالقدرات والمهارات الذاتية لأفراد الأسرة من شأنه أن يوفر نسبة من الميزانية، بحيث يتم عمل الخدمة ذاتياً دون اللجوء لخدمات خارجية مدفوعة إن توافرت الخبرة فيها، ما يسهم في تعزيز الروابط بين أفراد الأسرة والتوفير أيضاً.