يكفي أن تقول «العراق» لتتشاطر معها معاني العزة والكرامة والأنفة والغنى والحضارة والعمق التاريخي والخيرات والموارد والكفاءات، بل و«المساعدات» نعم كان العراق هو من يقدم المساعدات وتسير له الركبان طلباً للعلم وطلباً للعلاج، ولكنها الأقدار والنوائب التي حلت عليه منذ الاحتلال الإيراني فقلبت الحال، ومن سيقدم للعراقيين أي دعم اليوم فما هو إلا رد للجميل وواجب، والعراق يملك من مقومات استعادة القوة الكثير وبأسرع مما نتوقع إنما في حال واحدة فقط، في حال تخلص من الاحتلال الإيراني، فإيران لن تسمح بعراق قوي يحول بينها وبين تمددها غرباً.

فهل كان حقاً مؤتمر بغداد أم كان مؤتمر إيران كما قال أحد العراقيين ذلك الذي عُقد في بغداد الأسبوع الماضي؟

المؤتمر كان فرصة للخسيسة إيران كي تعلن عن احتلالها للعراق، حيث انتهزت حكومة «رئيسي السفاح» الإيرانية، وعبر وزير خارجيته المطرود من البحرين سابقاً «اللهيان»، انتهزوا هذا المؤتمر ليوجهوا رسالة للمدعويين العرب أنكم في ولاية من الولايات الإيرانية، وليس لأحد التدخل في شؤوننا الداخلية، دعك من الأسلوب الصفيق والصبياني الذي تحدث به وتصرف وزير الخارجية المطرود من البحرين، كما دعك من الكذب المفضوح الذي تشدق به لهيان، إنما في النهاية أرادت إيران أن تقول لكل المشاركين العرب، إنكم الآن في ضيافتي أنا فأنا من يحدد من يقف في الأمام ومن يقف في الخلف، وأنا المتحكم الذي يفرض قراره وليست هذه الحكومة.

لقد أهين الكاظمي وأهينت حكومته بشكل مقصود ومتعمد في هذا المؤتمر كي تصل رسالة واضحة من إيران للمشاركين العرب، بأن القرار قرارنا وليس قرار الكاظمي أو قرار أي عراقي، فلم يعد هناك عراق!! هذا ما قاله لهيان في المؤتمر بكل تصرفاته سواء بفحوى الكلمة التي ألقاها، أو بخرقه للبروتوكولات، فهل وصلت الرسالة؟

السؤال الذي يطرح نفسه الآن قبل أن نندفع بمساعدة العراق الحبيب في هذا التوقيت بالذات، هل تريد حكومة الكاظمي التخلص من الاحتلال الإيراني فعلاً؟ أم أن هذا الإذلال مقبول؟ وإن كانت تريد، هل تستطيع؟ وهل الدماء التي سالت في الجنوب كافية لتحرير العراق؟ أم أن طرد إيران يحتاج إلى دماء أكثر ومازال الطريق طويلاً؟ وهل وقوف الأشقاء العرب معه الآن سيساعده في التخلص من الهيمنة الإيرانية؟

فالكل مستعد والجميع يمد يده، سواء دول الجوار وحتى مصر مستعدة، والجميع ينتظر عودة العراق ليحتل مكانته بين أشقائه، إنما هل المساعدات العربية ستساعد الإيرانيين أكثر في التحكم والسيطرة، أم ستساعد العراقيين لتحرر؟

فإن كانت المساعدات العربية التي ستخصص لخدمة العراقيين ستخفف من درجة التذمر الشعبي فإنها ستعطي فرصة أكثر للإيرانيين أن يتصرفوا بأريحية دون القلق من ثورة شعبية جديدة؟

إن كانت المساعدات العربية للعراق في هذا الوقت العصيب ستساهم في تمدد النفوذ الإيراني فإننا نقوم بالإضرار بمصالحنا في هذه الحالة ولا نساعد العراق، فالجاثوم الإيراني والاحتلال الإيراني باقٍ ليتمدد في هذه الحالة، وهل الحالة العراقية هي ذاتها الحالة اللبنانية، والامتناع عن مساعدة لبنان مادامت إيران تحكم طغمته، هو ذات الحل مع العراق؟

تلك أسئلة لا يملك أجوبتها إلا العراقيون أنفسهم، ولم نسمعها منهم في مؤتمر إيران، عفواً مؤتمر بغداد!