العربية

شهدت المنطقة الممتدة من الخليج العربي إلى بحر العرب حشداً عسكرياً أميركياً ضخماً خلال الأسابيع العشرة الماضية، والآن بدأ الانسحاب بعد الانتهاء من فصل الحرب في أفغانستان.

فقد أرسلت الولايات المتحدة حاملة الطائرات رونالد ريغان إلى بحر العرب منذ أكثر من شهرين وعلى متنها أكثر من 180 طائرة عمودية ومروحية وترافق الحاملة قوات إضافية ضخمة مثل السفن شيلوه وهيلسي ومجموعة المدمرات المرافقة.

إلى ذلك انتشرت في المنطقة القوة البحرية الضاربة ايوا جيما، وهي قوة موازية لمجموعة حاملة الطائرات لجهة استقلالها لكنها أصغر حجماً.

أما في القواعد العسكرية، فكان من الملاحظ أن الأميركيين أرسلوا إلى "قاعدة العديد" في قطر ست طائرات من نوع B-52 وهي طائرات ضخمة تستطيع التحليق على علو شاهق ولساعات طويلة، وتقصف أهدافها بقنابل كبيرة الحجم وفي بعض الأحيان قنابل نووية.

كما أرسل الأميركيون سربين من طائرات F-18 هورنيت إلى قاعدة الأمير سلطان في المملكة العربية السعودية.

انسحابات أميركية

مع إكمال عملية الانسحاب من أفغانستان ومرور ذكرى 11 سبتمبر أكدت مصادر خاصة للعربية والحدث أننا سنشهد عملية خفض سريعة للقوات العسكرية الأميركية.

خرائط الانتشار اليومية تشير إلى أن القوة الضاربة أيوا جيما عبرت مضيق هرمز من الخليج العربي إلى بحر العرب، وهي تتجه الآن بمحاذاة السواحل اليمنية إلى القرن الإفريقي وستصعد على الأرجح إلى البحر الأحمر وتعبر قناة السويس.

كما أن القيادات العسكرية الأميركية ستبدأ سحب سربي الطائرات من نوع F-18 من المملكة العربية السعودية، من دون استبداله بقوة جوية أخرى، كما أكدت هذه المصادر الخاصة بمراسل العربية والحدث أن سرب طائرات B-52 سينسحب من "قاعدة العديد"، وعلى الأرجح أن يعود إلى قواعده في الولايات المتحدة الأميركية خلال وقت قصير جدا.

مستويات الردع

كما أكدت مصادر العربية والحدث أنه سيتمّ استبدال حاملة الطائرات رونالد ريغان في أقرب وقت، وأن القيادات العسكرية الأميركية تريد المحافظة على قوة بحرية معتبرة في المنطقة، ومن الأرجح أن تحلّ حاملة طائرات أخرى مكان الحاملة رونالد ريغان، وإن لم يحدث هذا لأسباب تقنية، فإن قوات بحرية ضاربة ستملأ الفراغ.

وبالفعل وصلت القوة الضاربة ايسيكس إلى بحر العرب وهي قوة واسعة تعادل قوة أيوا جيما وهي تحلّ محلها ومن الممكن أن تملأ فراغاً لو انسحبت حاملة الطائرات رونالد ريغان.

من الضروري النظر إلى مستوى القوات خلال أسابيع لأنه يكشف حقيقة الاستراتيجية العسكرية الأميركية في منطقة عمل القيادة المركزية.

فمنذ أشهر فكك الأميركيون بطاريات مضادة للصواريخ من السعودية، ومنذ أسبوع كرروا ذلك، مع أن إيران تتابع تهديد أمن الدول الجارة في الخليج العربي، مباشرة أو من خلال إرسال مئات الصواريخ والمسيرات إلى الحوثيين في اليمن، ومنذ أشهر وسّعوا من تهديدهم بإرسال صواريخ دقيقة إلى الميليشيات التابعة لهم في العراق وسوريا بعدما أعطوا حزب الله آلاف الصواريخ ومن بينها الصواريخ الدقيقة.

التزامات أميركية

جون كيربي المتحدث باسم البنتاغون قال في إيجاز صحافي يوم الاثنين إن الولايات المتحدة لديها قدرات عسكرية كافية لمواجهة المخاطر، وكان أرسل بياناً لوكالة أسوشييتد برس قال فيه إن الولايات المتحدة لديها التزام واسع وعميق تجاه الحلفاء في الشرق الاوسط" وأضاف "أن وزارة الدفاع تحافظ على مئات الآلاف من القوات وقوة معتبرة في الشرق الاوسط وهي تشكل اكثر القوات الجوية تطوراً واكثر القوات البحرية قدرة وذلك دعماً لمصالح الولايات المتحدة وللشركاء الاقليميين.

من اللافت جداً ان الاميركيين، خصوصاً الرؤساء الاميركيين، تحدثوا خلال العقدين الماضيين عن خفض او سحب القوات من الشرق الاوسط بشكل او بآخر، لكنهم يجدون أنفسهم ملزمين بالبقاء في المنطقة وهذا ما وصل اليه الرئيس الحالي جو بايدن.

فالانسحاب من افغانستان يعني ان على الولايات المتحدة تطبيق "استراتيجية عبر الافق" أي مكافحة ارهاب القاعدة وداعش خورسان وربما طالبان من خارج الاراضي الافغانية، ومع امتناع باكستان ودول وسط آسيا من استقبال القواعد والطائرات الأميركية، سيتحتّم على الولايات المتحدة الاحتفاظ وربما زيادة عدد القوات والعتاد الاميركي في قواعد دول الخليج العربي.

الخطر الإيراني

اللافت أيضاً، أن إدارة بايدن بدأت تعي أكثر من أي وقت آخر مخاطر النظام الايراني على مصالحها وعلى مصالح دول الشرق الاوسط، فالاميركيون فشلوا حتى الآن في اقناع إيران بالعودة الى تطبيق الاتفاق النووي، وطهران تكدّس كميات اليورانيوم بسرعة، كما أن واشنطن فشلت في إقناع الايرانيين بوقف دعمهم للحوثيين وفشلت في اقناع الحوثيين بالتوقف عن هجماتهم على السعودية حيث يعيش أكثر من سبعين الف اميركي.

وتؤكد مصادر العربية والحدث أن الولايات المتحدة ولمواجهة كل هذه المخاطر، خصوصاً الايرانية، ستحتفظ بقوات في المنطقة تعادل ما كانت عليه في بداية العام 2021 مع تعديلات تقنية طفيفة.