author

 عثمان عادل العباسي
عثمان عادل العباسي
عثمان عادل العباسي

هل تنسى ليالي المحرق؟

في هذه الأيام التي تغيّر فيها الجو فجأة، ومع أمطار متواصلة غيّرت مزاج النهار، قررت الخروج مع أبنائي في منتصف الظهيرة. الغيوم غطّت السماء، والحرارة انخفضت، وكأن الجو يقدّم اعتذاراً متأخراً عن صيف طويل. فخرجنا نمشي في المحرق، على مقربة من طريق اللؤلؤ، حيث تعيد ليالي المحرق ترتيب العلاقة بين الناس والمكان. كنا نمشي بهدوء، وأحكي...

في ليالي المحرّق.. نظارة ذكية وذاكرة لا تنحني

في إحدى ليالي المحرّق، حين يلين الهواء وتخفت الضوضاء، من السهل أن نتخيّل مشهداً بسيطاً لكنه محيّر؛ رجلٌ أجنبي يسير في دواعيس ضيقة بثبات، ينعطف بثقة، ويتجاوز الإشارات كأنه يعرف المكان منذ الطفولة. لا يسأل، لا يتوقف، ولا يرفع هاتفاً ليتأكد. فقط نظارة على وجهه، وهدوء يشبه هدوء من يعرف طريقه. عندها يطلّ سؤال قديم بثوب جديد: هل أصبحت...

فكرة واحدة.. قد تغيّر صباح البحرين

عثمان عادل العباسي وأنا أمسك كوب الشاي الساخن في صباح هذه الأيام الدافئة بنسمة براد خفيفة، أعبر جسر المحرق نحو المنامة فأرى البنايات مموّهة بضباب ورطوبة خفيفة كأنها لقطة لندنّية بنكهة بحرينية. السيارات تتحرك ببطء معتاد، والهواء الخفيف يوقظك بلا مبالغة. وفي وسط هذا المشهد اليومي، خطر لي سؤال بسيط: لماذا نتجه جميعاً كل صباح إلى...

لما يصير الغلاف أذكى من الأكل..‍!

تخيّل معي هذا المشهد البسيط الذي يمرّ علينا كل يوم: تفتح الثلاجة في ظهيرة بحرينية خانقة، تبحث عن قطعة جبن أو علبة فراولة اشتريتها قبل يومين.. لكن المفاجأة؟ الجبن تغيّر لونه، والفراولة صارت مشروع مربّى غير معلن. وهنا يبدأ الحوار الداخلي المعتاد: «أنا ما شريت هالشي أمس؟ ليش خرب؟» ثم نرميه في القمامة ونقتنع أن «هذا نصيب»، بينما...

هل تنفجر فقاعة الذكاء الاصطناعي.. أم ننفجر نحن بالدهشة؟

كثير من الناس يعتقدون أن فعاليات التقنية تقع في أماكن بعيدة عن حياتنا اليومية، وكأنها برامج فضائية تبث من كوكب آخر. لكن ما حدث قبل أيام في واشنطن خلال الجلسة الحوارية بين وزير سعودي وإيلون ماسك ورئيس إنفيديا، كان أقرب لسهرة خميس يجتمع فيها ثلاثة أشخاص كل واحد فيهم يشوف المستقبل بطريقته. فقط تخيّل أنك داخل مجلس وسمعت فجأة واحداً...

من الثلاجة إلى الهاتف.. من يحرس بيتك الرقمي؟

في هذا العصر الرقمي، أصبح كل ما حولنا متصلاً بالإنترنت.. الهاتف، التلفاز، حتى الثلاجة والباب. وهذه الراحة التقنية التي نعيشها لها وجه آخر، إذ فتحت الأبواب للمخترقين ليعبثوا بما يشاؤون. لم يعد الدخول إلى أنظمتنا يتطلب جهداً خارقاً، بل قد يبدأ من جهاز بسيط في الزاوية لم نفكر يوماً أنه قد يشكل خطراً. وهنا ظهرت فكرة Cybersecurity Mesh، أو...

اللصوص بلا أقنعة.. فقط لوحة مفاتيح!

في الأسبوع الماضي، بينما كان أغلب الناس مشغولين بتبديل الإطارات استعداداً للمطر أو بمطاردة عروض الجمعة البيضاء، كانت البحرين تضيء بحدث من نوعٍ آخر تماماً. مؤتمر الأمن السيبراني العربي الدولي، أو كما يسميه البعض «المعركة الهادئة»، اجتمع فيه العقول التي تحرسنا من اللصوص الذين لا يحتاجون إلى أقنعة ولا حتى مفاتيح، فقط لوحة مفاتيح...

السرّ الذي تسرب من السحابة

صباحاً، وأنا أرتشف كوب الشاي الساخن، وأتصفح الأخبار التي تملأ وسائل التواصل، استوقفني خبر ليس جديداً تماماً، لكنه جعلني أنسى نفسي وألسع لساني من حرارة الشاي. العنوان كان صادماً: «تأكيد اختراق وتسريب بيانات حسابات Google في سبتمبر». في البداية ظننت أنه من تلك المنشورات التي تبالغ كعادتها، لكن حين فتحت التفاصيل، أدركت أن القصة...

المحرّق تدرّسنا من جديد

كنت أسير قبل أيام في سوق المحرق، أتأمل الرافعات والعمّال، وهم يرمّمون الجدران، ويعيدون للحجر لونه الأول بعد أن أكلته الشمس والملح. في كل زاوية مشروع، وفي كل فرجانٍ ذاكرة تُبعث من جديد. وجوه الناس القديمة تعود إلى محلاتها الصغيرة، ورائحة القهوة تفوح من الأزقة الضيقة، بينما صوت المطرقة من بعيد يذكّرني أن الزمن يتبدّل، لكن...

ما يحتاج يتنصّت.. أنت قلت له كل شيء

قبل فترة خطرت لي فكرة طريفة، أو قل وسواساً عصرياً. كنت جالساً في زاوية الصالة، أحدّق في هاتفي كما يفعل معظمنا، وفجأة تساءلت: هل يُنصت هذا الجهاز الصغير إلى ما أقوله؟ هل هو مجرد مستمع صامت يسجّل كل همسة، ثم يرسلها إلى مركز البيانات حيث تُحوّل إلى إعلان يظهر لي لاحقاً في إنستغرام أو يوتيوب أو حتى في تطبيقي المفضل لعدد خطوات المشي؟...

موظف بلا راتب.. «بس» يحتاج شاحناً!

في كل مرة يُقال إن الروبوتات ستأخذ وظائفنا، نتصور عالماً مثالياً تدار فيه المصانع بلا بشر، والمكاتب بلا تأخير، والمستشفيات بلا أخطاء. نرى في خيالنا موظفاً معدنياً لا يطلب زيادة في الراتب، ولا يتأخر بسبب الزحمة، ولا يغيب لأن ابنه مريض. لكننا ننسى أن هذا الروبوت البطل قد يتعطل لأنه لم يُحدّث البرنامج، أو يرفض العمل لأن بطاريته...

وجهي ليس نسخة تجريبية

في صباح مدرسي مزدحم كنت أوازن بين حقائب الأبناء وكوب شاي أحمر وقرار بسيط أن أفتح حساباً جديداً وأدفع رسوم نشاط قبل أن يفوتنا الباص. لا طوابير ولا أوراق فقط أنا وهاتفي ودقيقتي الذهبية. أفتح التطبيق ويبدأ بلطف ويطلب التحقق من الهوية. جميل. ثم تنهال المطالب مثل قائمة مشتريات قبل العيد رقم سري لمرة واحدة وتصوير البطاقة من الأمام...