عندما قلت الحيل زعموا أن «قرارات البحرين تصنع في الرياض». بدأ هذا القول أمين عام «حزب الله» في كلمته المنفعلة عن الإجراءات الأخيرة التي اتخذتها البحرين والرامية إلى وضع حد لهذا الذي يحدث منذ خمس سنوات ونيف ولا يراد له أن ينتهي، وبعده زعموا أيضاً مسؤولون إيرانيون كثر، ثم صار يردده كل من يتخذ من البحرين موقفاً واعتبر تلك الإجراءات قاسية ، فامتلأت الفضائيات «السوسة» وعلى رأسها فضائية «العالم» الإيرانية بهذه العبارة المزعومة التي لا يوجد عليها أي دليل.
الحقيقة التي ينبغي أن يعرفها الجميع جيداً هي أن قرارات البحرين تصنع في البحرين وليس في أي مكان آخر، فالبحرين دولة مستقلة وهي أدرى بما يدور فيها وتعرف كيف ينبغي التعامل معه وهي الأقدر على اتخاذ القرارات المناسبة، لكن هذا لا يمنع من التشاور مع الأشقاء في دول مجلس التعاون فهذا ديدن حكومات كل الدول المنتمية إلى هذه المنظومة، بل لا يمنع من استشارة الأصدقاء خارج إطار المجلس بغية الاستفادة من خبراتهم وما يتمتعون به من دراية وحكمة. لكن الاستشارة شيء واتخاذ القرار شيء آخر، ولا يوجد دولة مستقلة تسمح للآخرين -أياً كانت مكانتهم وقربهم منها أو قربها منهم- من اتخاذ القرار بدلاً عنها، فمثل هذه القرارات حق خالص للدولة لا يمكن أن تفرط فيه أو تسمح للآخرين بمشاركتها فيه.
طبعاً الهدف من نشر مثل هذا الاتهام واضح وهو الزعم أن «المملكة العربية السعودية دخلت إلى البحرين قبل خمس سنوات تحت غطاء «درع الجزيرة» ولم تخرج منها وأنها هي التي تقوم بكل شيء، أي أن البحرين تحولت إلى مستعمرة سعودية، وصار آل سعود الكرام هم من يحكم البحرين وأنهم هم من يقوم بقمع «المعارضة» والمظاهرات، وعليه فإن السعودية هي التي اتخذت القرارات الأخيرة وليست البحرين التي اقتصر دورها على التنفيذ والتظاهر بأنها هي التي اتخذت القرارات وأنها دولة مستقلة»!
مثل هذا الكلام صحيح بدرجة مائة في المائة طالما أنه لايزال محصوراً في أدمغة الذين يقولونه، لكن العالم كله يسخر منه فور أن يخرج من تلك الأدمغة، وليس مهماً إن خرج على لسان هذا أو ذاك فهو في كل الأحوال مثير للسخرية.
مملكة البحرين ليست حزباً مثل «حزب الله» الذي يأتيه رزقه رغداً من إيران -كما اعترف بذلك أمينه العام أخيراً- وتصنع قراراته في طهران وتأتيه التوجيهات من «الولي الفقيه»، وهي ليست كـ»المعارضة» التي هي اليوم «دلوعة» إيران والعراق و»حزب الله» تأتمر بأمرهم وتنفذ كل أوامرهم بدقة. مملكة البحرين دولة يحكمها رجال يمتلكون الخبرة والحكمة وكل ما يؤهلهم لاتخاذ القرارات في مختلف الظروف والأحوال بأنفسهم.
إن الزعم بأن قرارات البحرين لا تصنع في البحرين قول يدخل في باب الهراء، ومثل هذا القول لا يقوله إلا كل من صار يشعر بأنه وصل إلى مرحلة اليأس ولم يعد لديه ما يقوله، فليس أسهل من توجيه مثل هذه الاتهامات التي لا قيمة لها، عدا أن قائليها لا يستطيعون إثباتها، وأي قول لا يتمكن صاحبه من إثبات صحته يدخل في باب الهراء.
التفسير الوحيد الذي يمكن قبوله هو أن هذا القول الهرج يوفر لقائليه شيئاً من الارتياح الذي يأملون أن يعيد إليهم شيئاً من التوازن الذي فقدوه بعد الضربات المتلاحقة التي تلقوها على رؤوسهم ولم يعودوا يدركون ما يقولون ولا ما يفعلون.
البحرين دولة مستقلة، وستظل دولة مستقلة، وقراراتها تصنع في الداخل، فأمرها بيدها، وحاكمها هو حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، حفظه الله ورعاه.