تتسم العلاقات البحرينية الصينية بعدة سمات ربما لا تتوافر لدول كثيرة في علاقاتها بالصين. ولعل السمة الأولى هي قدم تلك العلاقات التي ترجع إلى نشأة طريق الحرير البحري قبل الميلاد وكانت البحرين ميناء مهماً على ذلك الطريق البحري من الصين إلى الخليج والمنطقة العربية خاصة في عصر الدولة العباسية وأسرة تانج الصينية(618-907) ثم في المرحلة الراهنة نما قامة العلاقات بين الدولتين عام1989
الثانية أخذت علاقات البلدين دفعة قوية بزيارة جلالة الملك حمد بن عيسي آل خليفة للصين عام 2013 ومعه عدد من الوزراء والبرلمانيين ورجال الأعمال وتوقيع عدد كبير من الاتفاقيات في مختلف المجالات. كما تعززت العلاقات بزيارة صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان للصين عام 2002 وبزيارة صاحبة السمو الملكي الأميرة سبيكة مما أرسى العلاقات في المجالات الاقتصادية والاجتماعية والعلمية ومجال المرأة. كما اضطلع وزراء الخارجية بدورمهم في علاقات البلدين وفي مقدمتهم سمو الشيخ محمد بن مبارك الذي كان صاحب الفكرة وقام بتدشينها وتولى رعايتها بعد ذلك عبر السنين ولعب معالي الشيخ خالد بن أحمد بن محمد آل خليفة دوراً خاصة بمشاركته في الدورة الثالثة للمنتدي الصيني العربي في الصين واستضافة الدورة الرابعة للمنتدى في المنامة في عام 2008 كما استضافت المنامة أيضاً المنتدى الاقتصادي الخليجي الصيني في مارس 2010. ومن وزراء خارجية الصين زار البحرين الوزير تشيان تشين شي والوزير لي تشاو تشينج والوزير وانج يي.
الثالثة احتفلت الدولتان عام 2014 بمناسبة مرور ربع قرن على العلاقات وتم الاحتفال بذلك في البحرين على مستوى مجلس الشورى الذي افتتح رئيسه علي صالح الصالح الندوة العلمية وشارك الجانب الصيني بوفد برئاسة نائب رئيس المجلس الاستشاري للشعب الصين وبحضور سفير الصين لي تشين و كريم الشكر وكيل وزارة الخارجية للتعاون الدولي الذي كان سفيراً للبحرين في الصين ونخبة من البرلمانيين والمفكرين والسياسيين ورجال الأعمال والأكاديميين والإعلاميين. وأصدرت سفارة الصين في البحرين كتاباً بتلك المناسبة كما أصدرت سفارة البحرين في الصين بعد ذلك الكتاب الذي نشير إليه في هذا المقال والذي يقدم مساهمة ممتازة من حيث المضمون والمعلومات والمنهج والإخراج مما يجعله وثيقة علمية مهمة لمن يأتي بعدذلك إذ جمع البيانات والوثائق ذات الصلة بالعلاقات وتطورها مدعمة بصور قادة البلدين وكبار المسؤولين وبين التحليل العلمي لتطور العلاقات قام بإعداده المستشار السياسي بوزارة خارجية مملكة البحرين الخبير في الدراسات الصينية.
الرابعة هي الطابع العملي للعلاقات من خلال تبادل الزيارات علي مستوى الوزراء المختصين منهم وزراء المالية والكهرباء والإعلام والتعليم والصحة والتجارة والصناعة ووزراء الدولة للدفاع وللشئون الخارجية ورجال الأعمال من الجانبين وأسفرت تلك الزيارات عن مجموعة مهمة من الاتفاقيات والبروتوكولات التنفيذية ومذكرات التفاهم تجسدت في العديد من المشروعات والمؤسسات المهمة وأخص بالذكر مشاركة البحرين في منتدى إكسبو شنغهاي عام 2010 بحضور الشيخة مي بنت محمد وزير الثقافة وإنشاء معهد كونفوشيوس في جامعة البحرين وإنشاء مدينة التنين في ديار المحرق لتكون قوة جذب للتعاون الاقتصادي والتجاري والاستثمار وقد أدى ذلك كله إلى زيادة حجم التبادل التجاري من 9 مليون دولار قبل إقامة العلاقات حيث كانت البحرين تصدر مادة الأمونيا للصين منذ سبعينات القرن العشرين إلى أكثر من ملياري دولار عام 2015 وزيادة عدد الطلاب البحرينيين الذين يدرسون في الصين خاصة بعد عام 2001 فتكونت نواة نخبة من الخبراء في الدراسات الصينية من خريجي الجامعات الصينية في مجالات متعددة.
الخامسة إنه اضطلع بتطوير العلاقات نخبة من السفراء والدبلوماسيين الصينيين والبحرينيين وفي مقدمتهم كريم الشكر وأنور العبد الله ومحمد المحميد وحسين الصباغ وببي العلوي ومن الجانب الصيني كثرة منهم لي تشين الذي اتسم بالنشاط والدينامية وإجادة اللغة العربية ووانج تشي جيه و لي جيقوي وتشي تشين هونج هذا فضلاً عن أعضاء السفارتين خاصةالمستشارمحمد صالح الخبير في اللغة الصينية والدكتور السفير فيصل الزياني لمساهمتهما في إعداد الكتاب الذي نتحدث عنه.
السادسة هي توقيع العديد من الاتفاقيات في مختلف المجالات من الازدواج الضريبي للثقافة والإعلام والاستثمار والتجارة والأهم إنشاء اللجنة المشتركة بين الدولتين والتي عقدت أول اجتماع لها عام 1993 ومهدت الطريق لانطلاقة العلاقات عبر الآليات التي وضعته.
من هنا يمكننا تهنئة الشعبين البحريني والصيني والقيادتين ودبلوماسيي البلدين ورجال الأعمال بهذا الإنجاز نتيجة تناغم العمل وتلاقي الفكر وننوه بمساهمة عبد الرحمن الجواهري الرئيس التنفيذي لشركة البتروكيماويات في تمويل طباعة الكتاب الذي يسجل تاريخ العلاقات في ربع قرن.
*خبير في الدراسات الصينية