أخيراً انتصرت الإرادة الدولية، واتفقت دول العالم المعنية على إنهاء معاناة السيد «لذيذ» ورفاقه الأعزاء، كيف لا ومشكلة «لذيذ» تهدد القيم والمبادئ الإنسانية وتضع العالم أمام اختبار صعب للحفاظ على الحقوق، بل إن القضية أكبر وفيها تهديد للسلم والأمن الدوليين، وهذا ما يفسر لنا تدخل الصهاينة المتعنتين الذين رقت لها قلوبهم وساهموا في حلها.
أخيرا أيها الفضلاء تمكن السيد المبجل النمر لذيذ ورفاقه الـ «14» حيواناً من مغادرة الأراضي الفلسطينية في غزة التي صار العيش فيها صعباً حتى على الحيوانات، بعد معاناة شديدة هزت الضمير الإنساني وبسببها فتح الصهاينة حدود كيانهم العصية على الفتح، ليحصل «14» حيوان وهم مجموعة قرود وسلحفاتين وبجعة على حق «اللجوء الحيواني» في الأردن، بينما حصل النمر لذيذ على هذا الحق في جنوب أفريقيا التي نقل لها جواً وربما حصل على مقعد في الدرجة الأولى في رحلة الحياة هذه، كونه آخر رجال «الموهيكانز»، عفواً آخر نمور حديقة الحيوان في غزة، تلك الحديقة سيئة الصيت التي جعلت الحيوانات تعيش ظروفاً قاسية وتوشك على الموت جوعاً، تخيلوا إجرام هذه الحديقة الذي وصل إلى حد تحنيط الحيوانات بعد موتها ليتمكن الأطفال من مشاهدتها في أسوأ حوادث امتهان كرامة الحيوان.
لقد اعتبرت دول العالم السلطات في غزة غير قادرة على القيام بمسؤولياتها تجاه الحيوانات فتدخلت وأنقذتها ببرنامج محكم دام ثلاثة أيام، ونحن هنا بدورنا نقول: أيها العالم العادل وأنتم تنقلون الحيوانات ألم تصادفوا في طريقكم في غزة بشراً أنهكهم الجوع والحصار أم إنكم وجدتم غزة خالية من البشر أم أن أبصاركم لا تدرك غير الحيوانات؟ ألم تعلموا أن هناك سلطات مجرمة في العراق وسوريا غير قادرة هي الأخرى على القيام بواجباتها ومسؤولياتها في حفظ الأمن والسلم الأهليين وحماية أرواح البشر، بل إن هذه السلطات قتلت وتقتل ملايين الأبرياء خلال سنوات وهجرت وتهجر ملايين أخرى، أين أنتم من مبدأ مسؤولية الحماية الدولية التي ألزمتم به أنفسكم، أم إنكم تطبقوه حسب مقتضيات مصالحكم؟ ألا تتكرمون عليهم ببرنامج يحميهم أسوة بالحيوانات التي اهتزت لها شواربكم، أو ضمائركم إذا لم تكن لكم شوارب؟!
عندما نزور أغلب الدول العربية نجد في مطاراتها وفي الطريق إلى عواصمها لافتات كتب عليها اسم البلد متبوعاً بـ «أولا» كـ «موزمبيق أولاً»، لكن اهتمام المنظمات ودول العالم ووسائل الإعلام والأطباء البيطريين بنقل «15» حيواناً من فلسطين بعث لنا برسالة يقول لنا فيها «الحيوان أولاً».
على كل حال لا أريد أن أنغص على العالم فرحته بهذا الإنجاز الرائع وأبشركم أيها الأكارم، يا أحرار العالم أن المعاناة انتهت والأزمة العالمية تلاشت والنمر لذيذ لن يضام بعد اليوم بعد أن وصل إلى أرقى المحميات في جنوب أفريقيا، وهو يتطلع لرؤية المضطهدين المظلومين المهجرين الجائعين البالغين حد الموت في العراق وسوريا وقد حظوا بعشر الاهتمام والتحرك الدولي الذي حظي به لعلهم يحصلون على محمية تناسبهم كما هو حاله الآن.