تجاوباً مع إحدى مقالاتي الصحافية التي نشرت الشهر الماضي تحت عنوان «المشي رياضة أم أسلوب حياة»، والتي ناديت فيها بضرورة التخطيط لتوفير طرق خاصة للراجلين والدراجات، ليتمكن المواطن والمقيم من قضاء بعض حاجاته القريبة مشياً دون الحاجة إلى استخدام السيارة، ليصبح المشي أسلوب حياة، أفاد وكيل شؤون الأشغال بوزارة البلديات والتخطيط العمراني المهندس أحمد عبدالعزيز الخياط أن المقالة لاقت استحسان الوزارة، مؤكداً اهتمام الوزارة بتوفير السبل كافة لعمل مضامير للمشي داخل الطرق الداخلية والرئيسة وخصوصاً التي تؤدي إلى خدمات رئيسة في المناطق السكنية وأنه جاري التخطيط لذلك.
ومن هنا أتقدم بجزيل الشكر لوزارة الأشغال وشؤون البلديات والتخطيط العمراني على استجابتها السريعة بالتخطيط من أجل إتاحتها فرصة للتغيير من نمط الحياة، الذي بات يسبب لنا العديد من الأمراض، فأصبحت السمنة تدق ناقوس الخطر على حياة المواطنين إذ توضح الإحصائيات الخليجية، أن مملكة البحرين تحتل المرتبة الثانية بين دول الخليج في ارتفاع معدلات السمنة بين سكانها كما إن نسبة إصابة النساء بالسمنة تفوق الرجال فتصل النسبة في النســاء إلى 71 % بينما في الرجــال تصل إلى 40 %.
ولم يقتصر خطر الإصابة بالسمنة فقط على البالغين وكبار السن، بل بدأت تصيب الأطفال والمراهقين، فكان هناك بحث علمي أجرته وزارة الصحة مؤخراً، أوضح أن ارتفاع معدلات السمنة وزيادة الوزن بين فئة الأطفال والمراهقين الذين يشكلون شريحة طلاب المدارس، بلغت 26 % بين الإناث و22 % بين الذكور، مما يعني وجود خطر يحدق بمستقبل صحة الناشئة لأنها تؤدي إلى إصابتهم بأمراض مزمنة، كأمراض القلب والجهاز الدوري، والسكري، وهشاشة العظام، وغيرها.
والسمنة تعد من أمراض العصر، ويتسبب في ذلك عاملين، أولهما الاعتماد على الوجبات السريعة، فهذه الوجبات عبارة عن أطعمة غير صحية تسبب أضراراً لجسم الإنسان، فهي تحتوي على نسبة عالية من السعرات الحرارية والدهون، التي تسبب زيادة الوزن والسمنة، وثانياً قلة الحركة، ولذا وجب على المجتمع التحرر من هذين القيدين اللذين يدمران صحتنا وصحة أبنائنا.
ولا تقتصر فوائد المشي على الوقاية من الأمراض، ولكن المشي يساعد على التفكير السليم والإبداع، وذلك حسب دراسة علمية جديدة لـ «جامعة ستانفورد ‏Stanford University‏»، أثبت العلماء من خلالها أن المشي يطور لدى الإنسان القدرة على ‏التفكير الإبداعي بنسبة 60 %. وتستمر القدرة على هذا التفكير الإبداعي حتى بعد التوقف عن المشي. وقد كانت ‏نتائج الدراسة مبهرة للباحثين، حيث تحسنت القدرات الإبداعية لدى جميع من مارسوا المشي، على عكس ‏الذين بقوا جالسين.
لذلك فإن ممارسة المشي ضرورية لتطوير الذاكرة وتنشيطها ومساعدة الدماغ على حل المشاكل، وبخاصة لمن يرغب باتخاذ قرار سليم، فإن المشي، وبناء على الدراسة السابقة، يساعد على التفكير السليم واتخاذ قرارات صائبة، ويسهل حل المشاكل اليومية العالقة.
وقبل هذه الدراسات كان لرسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم، نصيحة لنا في زمن لم يكن أحد يدرك شيئاً عن فوائد الرياضة ومنها المشي، فحثنا على المشي إلى المساجد في أوقات الصلاة فقال: «ألا أدلكم على ما يمحو الله به الخطايا ويرفع به الدرجات؟ قالوا: بلى يا رسول الله قال: إسباغ الوضوء على المكاره وكثرة الخطى إلى المساجد». وجميعنا يعرف قصة تسابق النبي صلي الله عليه وسلم مع زوجته عائشة ولنا في رسول الله عليه الصلاة والسلام أسوة حسنة.
وختاماً، أتوجه بالشكر مرة ثانية لوزارة الأشغال وشؤون البلديات والتخطيط العمراني، فكم أتمنى أن يصبح المشي أسلوب حياة لنا في البحرين، فعند توفير ما وعدتم به، ستتاح البيئة الملائمة لذلك، ولكن إلى أن يتحقق ذلك فيجب أن نسعى إلى أن يكون المشي عادة، ونضع هدفاً لأنفسنا، فمثلاً يمكننا المشي 1000 خطوة في نحو 10 دقائق، ويعتبر عداد الخطى وسيلة ممتعة لتتبع المشي باستخدام عداد الخطى، لنعرف متوسط الخطوات اليومية التي نسيرها، ومن ثم نبدأ في إضافة خطوات، ويمكن أن نبدأ من الآن من خلال المضامير المتوفرة حالياً وبعض الطرق الممهدة للمشي، ويجب أن نفكر في طريقة لنضمن بها المشي خلال ممارسة الروتين اليومي كأن نمشي جزءاً من رحلتنا للعمل، والمشي داخل المجمعات التجارية «المولات»، واستخدام الدرج بدلاً من المصعد، ونخصص ساعة للتنزه بنزهة مع الأبناء في الحدائق، فلا أرى سبيلاً للنجاة والوقاية من الأمراض المزمنة المتعلقة بالنمط المعيشي دون اعتماد ثقافة المشي.