لا شك أن سوريا تبقى، ولسنوات خلت جبهة واحدة مفتوحة، وبلد لوّن الصراع أرضه بالأحمر، لكن ذلك لا يعني أن هناك جبهات بعينها باتت مركزا مشتعلا قد يخبو حينا لكنه متقد في معظم الأحيان.
فالشمال السوري في هذه الآونة مركز متقد، مرجل انفجر في حلب ويغلي في منطقة الباب.

أما في الوسط فتدمر جبهة يعيد "داعش" فتحها بعد أن دخلها لثاني مرة خلال أقل من سنة دون أدنى مقاومة.

لكل منطقة حساباتها، فلا رصاصة تطلق دون أن يعرف ثمنها السياسي والاستراتيجي والمعنوي، والدخول الدامي لحلب يوجه رسالة روسية للولايات المتحدة، وسورية للمعارضة، وطائفية لسكان المدينة.

رسائل تساهم بكتابتها ميليشيات طهران وحزب الله والميليشيات العاملة لحساب هذا التحالف.

حلب ليست نهاية المطاف

ليست حلب نهاية المطاف. هذا ما تؤكده المعارضة السورية، لكن موسكو ودمشق وحلفاءهما يرونها معركة حياة أو موت.

معركة لم تهدأ، تجاوزت المسلحين إلى المدنيين، وأحالت شوارع المدينة إلى مقابر جماعية وحلبات انتقام لم تبق ولم تذر.

وإلى الشمال من حلب، في الباب، معركة مفتوحة يخوضها الجيش الحر بدعم تركي، وهو حلف استفاد من انشغال الآخرين في حلب، ففتح جبهة ضد "داعش" في ريفها، هدفه المعلن الرقة وفي الطريق منبج، والهدف النهائي منطقة آمنة تمثل العمق الجغرافي المطلوب لتركيا للقضاء على الطموح الكردي في شمال سوريا.

أما تدمر التي تشكل عقدة الاتصال البري في سوريا، فباتت من جديد أسيرة لـ"داعش" الذي يبدو أنه يدخلها أنى شاء ومتى شاء.. مرتان في غضون عام يسيطر على المدينة الأثرية ذات الأهمية الاستراتيجية على أطراف حمص.

المدينة ميزها على مدى الأشهر الماضية الوجود الروسي، الذي يبدو أن انشغاله بحلب ودعم حليفه في دمشق أنساه هدفه المعلن أصلا من الدخول في المعترك السوري، ليبدو الأمر وكأن ضريبة حلب يتم استيفاؤها في تدمر.

جبهات عدة إذن في حلب، ظاهرها الحرب على الإرهاب وباطنها مصالح وصفقات وطموحات إقليمية ومحلية.