واشنطن - (رويترز، سكاي نيوز عربية): قال خبراء إن تحرك الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من أجل إقامة مناطق آمنة في سوريا قد يدفعه لاتخاذ قرارات محفوفة بالمخاطر بشأن المدى الذي يمكن أن يبلغه في حماية اللاجئين بما في ذلك إسقاط طائرات سورية أو روسية أو الالتزام بنشر آلاف الجنود الأمريكيين، وربما يتخذ قراراً بشأن مصير رئيس النظام السوري بشار الأسد. وكان ترامب قد قال إنه «سيقيم قطعاً مناطق آمنة في سوريا» للاجئين الهاربين من العنف. ومن المتوقع وفقاً لوثيقة أمريكية أن يأمر خلال الأيام المقبلة وزارتي الدفاع والخارجية بصياغة خطة لإقامة مناطق آمنة في سوريا ودول قريبة. ولم تحدد الوثيقة ما الذي يجعل مناطق من هذا النوع «آمنة» وما إن كانت ستحمي اللاجئين من الأخطار على الأرض فقط - مثل خطر المقاتلين المتطرفين - أو إن كان ترامب يتوقع إقامة منطقة حظر طيران تشرف الولايات المتحدة وحلفاؤها على مراقبتها. وإذا فرضت منطقة حظر طيران دون التفاوض على اتفاق من نوع ما مع روسيا فسيتعين على ترامب أن يقرر إن كان سيمنح الجيش الأمريكي سلطة إسقاط طائرات سورية أو روسية إذا شكلت خطراً على الناس في تلك المنطقة وهو الأمر الذي رفض سلفه باراك أوباما القيام به.

وقال جيم فيليبس خبير شؤون الشرق الأوسط بمؤسسة «هيريتدج» البحثية في واشنطن «هذا في جوهره يعني الاستعداد لخوض حرب من أجل اللاجئين» مشيراً إلى دفاعات روسيا الجوية المتقدمة. ووعد ترامب خلال حملته باستهداف المتشددين من تنظيم الدولة

«داعش» وسعى لتفادي الانزلاق بصورة أكبر في الصراع السوري الأمر الذي أثار تساؤلات بشأن إن كان سيكتفي بتأكيدات - ربما من موسكو - بألا تستهدف طائرات روسية أو سورية المناطق الآمنة. وفي موسكو قال المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف إن ترامب لم يتشاور مع روسيا وإنه ينبغي «تقييم» عواقب خطة مثل هذه. وقال «من المهم ألا تفاقم هذه الخطة وضع اللاجئين».



وقال فيليبس وخبراء آخرون بينهم مسؤولون أمريكيون سابقون إن الكثير من اللاجئين لن يكتفوا بتأكيدات من موسكو بينما قد لا يلقى أي اتفاق مع الرئيس بشار الأسد - المدعوم أيضاً من إيران - ترحيباً من حلفاء واشنطن العرب.

ورفضت وزارة الدفاع الأمريكية «البنتاغون» التعقيب قائلة إنه لم يصدر أي توجيه رسمي بعد لبلورة مثل هذه الخطط وبدا أن بعض المسؤولين العسكريين الأمريكيين لم يعرفوا بأمر الوثيقة قبل نشرها في وسائل الإعلام.

وقال الكابتن جيف ديفيز المتحدث باسم البنتاغون «وزارتنا منوطة الآن بأمر واحد في سوريا وهو كسر «داعش» وهزيمتها».

وتشكل دعوة ترامب لإقامة مناطق آمنة جزءاً من توجيهات أشمل من المنتظر توقيعها خلال الأيام المقبلة وتتضمن حظراً على دخول معظم اللاجئين للولايات المتحدة وتعليق إصدار تأشيرات دخول لمواطنين من سوريا و6 دول أخرى في الشرق الأوسط وإفريقيا ينظر لها باعتبارها مصدر خطر إرهابي محتمل.

وخلال الحملة الانتخابية الرئاسية وبعدها دعا ترامب لإقامة مناطق حظر طيران لإيواء اللاجئين السوريين بدلاً من لسماح لهم بدخول الولايات المتحدة. واتهم ترامب إدارة أوباما بالتقاعس عن التحري عن اللاجئين السوريين الذين يدخلون الولايات المتحدة للتأكد من أنه لا صلة لهم بالمتشددين. ومن شبه المؤكد أن تتطلب أي منطقة آمنة في سوريا - تضمنها الولايات المتحدة - درجة من درجات الحماية العسكرية الأمريكية. ويقول مسؤولون أمريكيون سابقون وخبراء إن تأمين البر وحده سيتطلب آلاف الجنود.

وحذر أنتوني كوردسمان الخبير العسكري في مركز الدراسات الإستراتيجية والدولية البحثي من أن تصبح المناطق الآمنة داخل سوريا لعنة دبلوماسية تجبر إدارة ترامب على التعامل مع مجموعة من التوترات العرقية والسياسية في سوريا إلى أجل غير مسمى.

وقال خبراء آخرون إن من الممكن أن تجتذب المنطقة الآمنة متشددين إما لتنفيذ هجمات - وهو ما قد يحرج الولايات المتحدة - أو لاستخدام المنطقة مأوى يمكن للمتشددين إعادة تنظيم صفوفهم فيه.

كما أن إقامة مثل هذه المناطق سيكون مكلفاً نظراً لضرورة توفير أماكن إيواء وطعام وتعليم ورعاية طبية للاجئين. وقال كوردسمان «أعتقد أن هؤلاء الناس ليست لديهم أي فكرة عما يتطلبه توفير الدعم لخمسة وعشرين ألف شخص وهو رقم صغير في حقيقة الأمر فيما يتعلق «بالنازحين» واللاجئين» في سوريا. ولم تقدم مسودة الوثيقة أي تفاصيل بشأن ما الذي سيجعل هذه المناطق آمنة ولا مكان إقامتها ولا الجهة التي ستدافع عنها. ويستضيف الأردن وتركيا ودول مجاورة أخرى ملايين اللاجئين السوريين. وضغطت الحكومة التركية على أوباما دون جدوى لإقامة منطقة حظر طيران فوق الحدود السورية مع تركيا لكنها على خلاف الآن مع واشنطن بسبب دعمها لمقاتلين أكراد في سوريا.