تقرير - تكاد مشاريع الخطط الاستراتيجية لا تتوقف لدى دول مجلس التعاون، فعجلة التطوير مستمرة منذ فترة طويلة وستستمر خلال الفترة القادمة، فمنها من يمتد لعشرة سنوات ومنها لعشرين سنة أو يزيد، حيث تتصل هذه الخطط بالنظرة العامة لما يجب أن تكون عليه الدول على المستوى الاجتماعي والاقتصادي والسياسي وكافة القطاعات الرئيسة، والتي لابد لها أن تعمل على تعظيم الاستفادة من الثروات واستغلالها الاستغلال الأمثل في كل مرحلة من مراحل النمو المستهدف، وتتشابه دول المنطقة بخطط التنمية من حيث الأهداف العامة، وتختلف بطريقة التنفيذ ومراحلة، والجدير ذكره هنا أن للنجاحات المحققة لدى عدد من الدول الخليجية أهمية في تكرار التجربة لدى دول مجاورة، الأمر الذي أضفى على الكثير من خطط التنمية صفة التشابه في الشكل والمضمون والأهداف. وعلى الرغم من ذلك، فإن كافة الخطط تستهدف رفع مستوى التنافسية والإنتاجية على مستوى المنطقة والعالم وتنويع مصادر الدخل من خلال الاستثمار الامثل لعوائد النفط والغاز. وشكل صمود اقتصاديات دول المنطقة بعد عام من بدء تراجع أسعار النفط إلى مستويات متدنية دليلاً على بداية الدخول في مرحلة التقييم والتعديل لتحقيق المزيد من النجاحات على الخطط في المستقبل.
وأشار التقرير الأسبوعي لشركة المزايا القابضة إلى أن مشاريع الطرق والسكك الحديدية لدى دول مجلس التعاون تشهد تركيزاً استثمارياً غير مسبوق خلال الفترة الحالية، فيما تستحوذ هذه المشاريع على الحصة الأكبر من الإنفاق الحكومي، وبقيت الخطط والمشاريع ذات العلاقة بقطاع النقل والمواصلات على حالها دون تغيير أو تأجيل أو إلغاء مثلها مثل خطط الإنفاق على المشاريع والقطاعات الحيوية كالصحة والتعليم وقطاع النفط والغاز، وتشير البيانات المتداولة إلى أن مشروع الربط الخليجي الموحد من خلال السكك الحديدية ستتجاوز تكلفته 20 مليار دولار، والذي سيشكل إضافة هامة لمنظومة النقل لدول المنطقة كما نوعا، وتأتي كجزء لا يتجزأ من الخطط التنموية طوية الاجل التي تستهدف تحقيق التكامل والتوافق بين دول المنطقة، آخذين بعين الاعتبار أهمية النقل والربط السككي في القدرة على تيسير التجارة والتحفيز الاقتصادي على مستوى دول المنطقة والعالم، بالإضافة إلى تخفيض الآثار البيئية للنقل البري تحقيقا لمفاهيم الاستدامة، وتستهدف دول المنطقة خلال الفترة الحالية توفير شبكات سكك حديدية عالمية المستوى تتسم بالفعالية والأمان وتحسين كفاءة شبكات الخدمات اللوجستية لدول المنطقة التي تشهد توسعاً كبيراً.
وأشار تقرير المزايا إلى أن مشاريع الطرق والمواصلات ومترو دبي كانت الملهم الأول لانطلاق عدد لا نهائي من مشاريع الطرق والمواصلات لدى دول المنطقة، وذلك بعد النجاح الكبير الذي حقق مترو دبي منذ انطلاقه، حيث ساهم المشروع في تغييرات جوهرية لكثير من السكان في دبي حول استخدام القطاعات بدلا من الاعتماد على السيارات الخاصة، الامر الذي دفع بدول الجوار التفكير جديا بالاستثمار بوسائل النقل العام، فيما تستعد إمارة دبي لتنفيذ خطة زيادة طول الخط الأحمر لمترو دبي ليصل إلى موقع معرض إكسبو 2020، وتشكل حزمة المشاريع والخطط الجاري تنفيذها، فرصاً استثمارية متنوعة أمام القطاع الخاص للدخول في مشاريع الطرق والمناقصات التي تطرحها الهيئات ذات العلاقة.
يذكر أن الخطط الحالية تشمل إنشاء مئات الكيلومترات من الطرق والجسور والمعابر والطرق الدائرية، في حين ستشهد الاعوام القادمة تنفيذ وتشغيل مشاريع القطارات، وفي الاطار تستعد امارات الدولة للبدء بمشروع قطار الاتحاد الذي سيربط كافة إمارات الدولة بشبكة نقل ومواصلات فريدة تقدر تكلفتها بـ 40 مليار درهم، والمتوقع انطلاقه بحلول العام 2018، هذا وسيوفر المشروع عند تشغيله آلاف فرص العمل مع توسع طاقته وبدء خدمات نقل الركاب.
وتطرق تقرير المزايا إلى الحراك غير المسبوق الذي تشهده السعودية في مجال الطرق والسكك الحديدية خلال الفترة الحالية، وتظهر البيانات المتداولة إلى إنفاق المملكة ما يزيد عن 90 مليار دولار على أن تشتمل 5 مشاريع للمترو والحافلات وآلاف الكيلومترات من شبكات السكك الحديدية خلال السنوات العشرة القادمة في مدن المملكة الرئيسة، وما يقارب51 مليار دولار استثمار في العمليات التشغيلية، ويأتي هذا التركيز إيماناً من المملكة بأهمية قطاع النقل على المستوى الاستثماري والاجتماعي والاقتصادي والبيئي، وبات من المؤكد يقول تقرير المزايا أن المملكة تستهدف من وراء هذا الحراك أن تصبح محور هام في مجال النقل والمساندة وذلك من خلال إنفاق ما يزيد عن 13% من إجمالي النفقات الحكومية، ويأتي ذلك انسجاماً مع الاستراتيجية الجديدة للمملكة والتي تضع قطاع النقل ضمن أولوياتها إلى جانب قطاع الطاقة وتقنية المعلومات والتي تشكل مركزاً رئيسياً للتنمية وأساساً قوياً لجذب الاستثمارات والمستثمرين من الخارج، هذا وتتصاعد أهمية السرعة في إنجاز خطط قطاع النقل والسكك الحديدية والمترو تبعا للتوقعات التي تظهر نمو حجم الطلب على حمولات البضائع داخل المملكة بمعدل سنوي يصل إلى 5% بحلول العام 2020، وأن تنمو التدفقات العالمية للشحن البحري بنسبة تصل إلى 8%، سنوياً.
ويرى تقرير المزايا أن لمشاريع الطرق والمواصلات لدى قطر قصة مغايرة، فهي ترتبط بشكل مباشر باستضافة مونديال 2022، وترتبط ايضا برؤية قطر 2030، في حين تظهر التقديرات أن القطاع الخاص يساهم بنسبة تصل إلى 55% في مشاريع النقل والتي تشمل مشاريع المطارات والموانئ والقطارات، وتصل القيمة الاجمالية لمشاريع النقل والسكك الحديدية في قطر إلى 40 مليار دولار، هذا ويحظى قطاع النقل والمواصلات باهتمام كبير من قبل الجهات الرسمية باعتباره مقياس للتطور ونهضة الدولة ورفاهية المجتمع، وتسعى قطر إلى استخدام أحدث التقنيات في مجال النقل لتقليل التأثيرات البيئية وزيادة معدلات النمو مع التأكيد على أن حزمة المشاريع الجاري تنفيذها ستسهم في زيادة الناتج المحلي، يذكر أن دولة قطر تسعى إلى تحسين بنيتها التحتية لتجاري الدول المتقدمة في هذا المجال، مع الأخذ بعين الاعتبار أن مشاريع الطرق والمواصلات ستشمل كافة مدن الدولة، ويعتبر قطار المسافات الطويلة احد مشاريع التنمية الوطنية الكبرى وهو أكبر مشاريع النقل في نظام السكك الحديدية وسيعمل على خلق ثورة على مستوى ترحيل المسافرين والبضائع وتقدر تكلفته بـ 35 مليار دولار وسيربط برنامج تطوير سكك الحديد القطري المراكز السكانية والصناعية الرئيسة في الدولة، بالإضافة إلى ربطه بشبكة السكك الحديدية الرئيسية لدول مجلس التعاون.
واعتبر تقرير المزايا أن التحول الكبير الذي شهدته خارطة الاستثمار خلال السنوات القليلة الماضية لخير دليل على أهمية هذا القطاع في تحقيق أهداف التنمية، حيث تركز النشاط الاستثمار في المنطقة بشكل أساسي على سوق العقارات، واظهرت حكومات دول المنطقة اهتماماً كبيراً بالاستثمار في مشاريع البنية التحتية والهادفة إلى توفير شبكات نقل عالية الكفاءة والجودة والتي ستساهم في خلق المزيد من فرص العمل والمساهمة في تعزيز رفاهية شعوب المنطقة وسيكون لها دور كبير في جذب المستثمرين، الأمر الذي سينعكس إيجاباً على كافة القطاعات وفي مقدمتها القطاع العقاري والأسعار السائدة، وتتطلع دول المنطقة من خلال ضخ المزيد من الاستثمارات على قطاع النقل والمواصلات إلى تسهيل حركة التجارة المحلية والإقليمية وتعزيز الصناعات والخدمات المحلية.